قول من قال الأعيان الثابتة ما شمت رائحة الوجود وانها لم تظهر ولا تظهر ابدا وانما يظهر رسمها انتهت ألفاظه وقد ذكر فصولا أخرى ليست معانيها في القوة والمتانة أقوى من معنى هذا الكلام في هذا المقام.
وانى لقضيت من ادعائه الطيران إلى السماء بهذه الأجنحة الواهية فان الخبط والخلط في هذا القول أوضح من أن يخفى عند المتدرب في الصناعات العلمية أولم يقع فيه وضع أحد معنيي الوجود الرابطي موضع الاخر فان الأسود في قولنا الجسم اسود من حيث كونه وقع محمولا في الهلية المركبة لا وجود له الا بمعنى كونه ثبوتا للجسم وهذا مما لا يأبى ان يكون للأسود باعتبار آخر غير اعتبار كونه محمولا في الهلية المركبة وجود وإن كان وجوده الثابت في نفسه هو بعينه وجوده للجسم.
قوله وان اعتبر على أنه ذات مستقلة كان معدوما ان أراد بالذات المستقلة الحقيقة الجوهرية فكلامه حق لا ريب فيه لان الحقيقة الجوهرية ممتنعه الثبوت للاعراض لكن الترديد غير حاصر لجواز ان يعتبر له ذات عرضيه لها اعتبار غير اعتبار كونها صفه لشئ بل باعتبارها في نفسها إذ لا شبهه في أن الإضافة إلى الموضوع خارجه عن نفس ماهيتها المأخوذة بما هي هي وان أراد بها اعتبار الأسود بحسب ماهيتها المأخوذة بنفسها فالحكم بكونها معدومه غير مسلم إذ كما أن للجوهر وجودا في نفسه كذلك للعرض وجود في نفسه (1) الا ان وجود الاعراض في أنفسها هي بعينها وجودها لموضوعاتها فللجوهر وجود في نفسه لنفسه وللعرض وجود في نفسه لا لنفسه بل لغيره إذ قد مر ان المراد من الوجود لنفسه ان لا يكون قائما بغيره