فهذا بالقياس إلى بعض أوعية الوجود فان الزوال والغيبة عن بعض الموجودات لا يستلزم الزوال والغيبة عن بعض آخر فكيف عن حقيقة الوجود المحيط بجميع الأشياء الحافظ لكل المراتب والانحاء وسيأتي تحقيق هذا المقام من ذي قبل إن شاء الله المفضل المنعام فصل في أن واجب الوجود واحد لا بمعنى ان نوعه منحصر في شخصه على ما توهم إذ لا نوع لحقيقة الوجود كما مر فمجرد (1) كونه متشخصا بنفس ذاته لا يوجب استحاله واجب وجود آخر من دون الرجوع إلى البرهان كما زعمه بعض الناس حيث قال إن ما بينا من أن التعين نفس حقيقته يكفي في اثبات توحيده فان التعين إذا كان نفس ماهية شئ كان نوعه منحصرا في شخصه بالضرورة وانما قلنا لا يكفي ذلك لاحتمال (2) الوهم ان يكون هناك حقائق متخالفة واجبه الوجود وتعين كل منها نفس حقيقته فلا بد مع ذلك من استيناف برهان على تفرد واجب الوجود في معنى واجب الوجود.
فنقول لو فرضنا موجودين واجبي الوجود لكانا مشتركين في هذا المفهوم و متغائرين بحسب ذاتيهما بأمر من الأمور وما به الامتياز اما ان (3) يكون تمام الحقيقة