يذوق المشرب وقد صنفته لاخواني في الدين ورفقائي في طريق الكشف واليقين لأنه لا ينتفع بها كثير الانتفاع الا من أحاط بأكثر كلام العقلاء ووقف على مضمون مصنفات الحكماء غير محتجب بمعلومه ولا منكرا لما وراء مفهومه فان الحق لا ينحصر بحسب فهم كل ذي فهم ولا يتقدر بقدر كل عقل ووهم فان وجدته أيها الناظر مخالفا لما اعتقدته أو فهمته بالذوق السليم فلا تنكره وفوق كل ذي علم عليم فافقهن ان من احتجب بمعلومه وانكر ما وراء مفهومه فهو موقوف على حد علمه وعرفانه محجوب عن خبايا اسرار ربه وديانه.
وانى أيضا لا أزعم انى قد بلغت الغاية فيما أوردته كلا فان وجوه الفهم لا تنحصر فيما فهمت ولا تحصى ومعارف الحق لا تتقيد بما رسمت ولا تحوى (1) لان الحق أوسع من أن يحيط به عقل وحد وأعظم من أن يحصره عقد دون عقد فان أحللت بالعناية الربانية مشكلها وفتحت بالهداية الإلهية معضلها فاشكر ربك على قدر ما هداك من الحكم واحمده على ما اسبغ عليك من النعم واقتد بقول سيد الكونين ومرآه العالمين عليه وعلى آله من الصلوات أنماها ومن التسليمات أزكاها لا تؤتوا الحكمة غير أهلها فتضلوها ولا تمنعوا أهلها فتظلموها فعليك بتقديسها عن الجلود الميتة وإياك واستيداعها الا للأنفس الحية كما قرره وأوصى به الحكماء الكبار أولى الأيدي والابصار.
واعلم انى ربما تجاوزت عن الاقتصار على ما هو الحق عندي واعتمد عليه اعتقادي إلى ذكر طرائق القوم وما يتوجه إليها وما يرد عليها ثم نبهت عليه في أثناء النقد (2) والتزييف (3) والهدم والترصيف (4) والذب عنها بقدر الوسع والامكان وذلك لتشحيذ الخواطر بها (5) وتقويه الأذهان من حيث اشتمالها على