الغير كونها متعلقه بالغير مقوم لها كما أن الاستغناء عن الغير مقوم لواجب الوجود لذاته فالذات التي هي من تلقاء الغير كونها من تلقاء الغير وفاقتها إلى الغير مقوم لها فلا يسوغ ان يستمر الذات المفتقرة ذاتا مستغنية كما لا يجوز ان يتسرمد المستغنى عن جميع الأشياء مفتقرا والا فقد انقلب الحقائق عما هي عليه وهذا شديد الوضوح فيما عليه سلوكنا من كون استناد الممكن إلى الجاعل من جهة وجوده الذي يتقوم بوجود فاعله لا من جهة ماهيته فنفس الوجود مرتبط إلى الفاعل وارتباطه إلى الفاعل مقوم له اي (1) لا يتصور بدونه والا لم يكن الوجود هذا الوجود كما أن الوجود الغير المتعلق بشئ هو بنفسه كذلك فلو عرض له التعلق بالغير لم يكن الوجود ذلك الوجود فالافتقار للوجود التعلقي ثابت ابدا حين الحدوث وحين الاستمرار والبقاء جميعا فحاجته في البقاء كحاجته في الحدوث بلا تفاوت لا بمعنى ان كونه بعد العدم اثر الفاعل أو كونه بعد كون سابق اثره بل هما لازمان لنفس الوجود بلا جعل وتأثير كما مر انما المجعول واثر الجاعل نفس الوجود لا تصييره ذا اللوازم التي من جملتها (2) كونه غير أزلي فليس للحق الا إفاضة نور الوجود على الأشياء وادامتها وحفظها وابقاء ما يحتمل البقاء قدر ما يحتمل ويسع له بحسب هويته واما النقائص والقصورات فهي لها من ذاتها مثال ذلك على وجه بعيد (3) فيضان نور الشمس على الأجسام القابلة بلا منع وبخل فلو حجب بعض الأجسام عن ورود شعاعها عليه لكان من جهته لا من جهتها فالذات الأحدية لا تزال تضئ هياكل الممكنات ويخرجها من ظلمه ليل العدم إلى نور نهار الوجود بحيث لو فرض الوهم انه تعالى يمسك عنها إفاضة الوجود لحظه لعادت إلى ظلمه ذاتها الأزلية فسبحان للقوى القدير الحكيم الذي يمسك السماوات
(٢١٩)