لم تكونا مأخوذتين على هذا الوجه فقد انسلختا عن ذاتيهما وصارت كل واحده منهما شيئا آخر له حكم آخر وبعد ان استؤنف النظر في ذاته يظهر حكمه وكونه من اي طبيعة من الطبائع فصل في أن المتوقف على الممتنع بالذات لا يلزم ان يكون ممتنعا بالذات (1) ان توقف شئ على محال بالذات لا يقتضى استحاله المتوقف استحاله ذاتية بل انما بالغير فقط لاستحالة الموقوف عليه بالذات واما ان الموقف عليه إن كان موصوفا كالممتنع بالذات والموقوف صفه كالامتناع بالذات كان استحالته بالذات ملزوم استحاله الموقوف بالذات فذلك لخصوص الموصوف بما هو موصوف بالذات والصفة بما هي صفه كما قيل.
وأقول منشا ذلك ان اتصاف الشئ بالوجود ومقابله ليس كاتصاف القابل بالمقبول وبعدمه ولا كاتصاف عدم القابل بعدم المقبول حيث يجب ان يتأخر الصفة عن الموصوف وجودا كان أو عدما وذلك كاتصاف الجسم بالبياض واللا بياض بان يكون للموصوف ثبوت وللصفة ثبوت آخر يتفرع عليه ثم يتصف الموصوف بتلك الصفة بعد تحقق ذاته بذاته وكذا في اتصاف عدم الجسم بعدم البياض فان ثبوت الوجود لشئ موضوع وحمله إياه هو بعينه ثبوت ذلك الموضوع فلا اتصاف ولا ناعتيه هاهنا الا بحسب التحليل العقلي كما مر تحقيقه وكذا عدمه عنه هو عبارة عن عدمه في نفسه لا عدم شئ آخر عنه فاذن كما أن اتصاف الوجود بالوجوب هو بعينه اتصاف