فصل في أن الممتنع أو المعدوم كيف يعلم كل ما كان معلوما فلا بد ان يكون متميزا عن غيره وكل متميز عن غيره فهو موجود فاذن كل معلوم موجود وينعكس انعكاس النقيض ان ما لا يكون موجودا لا يكون معلوما لكنا قد نعرف أمورا كثيره هي معدومه وممتنعه الوجود ومع ذلك فهي معلومه مثل انا نعلم عدم شريك الباري وعدم اجتماع النقيضين فكيف يمكن الجمع بين هذين القولين المتنافيين ظاهرا.
فنقول المعدوم لا يخلو اما ان يكون بسيطا واما ان يكون مركبا فإن كان بسيطا مثل عدم ضد الله تعالى وعدم شريكه وعدم مثله وغير ذلك فذلك انما يعقل لأجل تشبيهه بأمر موجود (1) مثل ان يقال ليس له تعالى شئ نسبته اليه نسبه السواد إلى البياض ولا له ما نسبته اليه نسبه المندرج مع آخر تحت نوع أو جنس فلو لا معرفه المضادة أو المماثلة أو المجانسة بين أمور وجوديه لاستحال الحكم بان ليس لله تعالى ضد أو مماثل أو مجانس أو ما يجرى مجريها من المحالات عليه وإن كان مركبا مثل العلم بعدم اجتماع المتقابلين كالمضادين فالعلم به انما يتم بالعلم باجزائه الوجودية مثل ان يعقل السواد والبياض ثم يعقل الاجتماع حيث يجوز (2) ثم يقال الاجتماع الذي هو امر وجودي معقول غير حاصل بين السواد والبياض فالحاصل ان عدم