وهي العلم بالله وصفاته وملائكته وكتبه ورسله وكيفية صدور الأشياء منه على الوجه الأكمل والنظام الأفضل وكيفية عنايته وعلمه بها وتدبيره إياها بلا خلل وقصور وآفة وفتور وعلم النفس وطريقها إلى الآخرة واتصالها بالملأ الاعلى وافتراقها عن وثاقها (1) وبعدها عن الهيولى إذ بها يتم لها الانطلاق عن مضائق الامكان والنجاة عن طوارق الحدثان (2) والانغماس في بحار الملكوت والانتظام في سلك سكان الجبروت فيتخلص عن أسر الشهوات والتقلب في خبط العشوات والانفعال عن آثار الحركات وقبول تحكم دورات السماوات.
واما ما وراءها فإن كان وسيله إليها فهو نافع لأجلها وان لم يكن وسيله إليها كالنحو واللغة والشعر وأنواع العلوم فهي حرف وصناعات كباقي الحرف والملكات.
واما الحاجة إلى العمل والعبادة القلبية والبدنية فلطهارة النفس وزكائها بالأوضاع الشرعية والرياضات البدنية لئلا تتمكن للنفس بسبب اشتغالها بالبدن ونزوعها (3) إلى شهواته وشوقها إلى مقتضياته هياه انقهارية للبدن وهواه فترسخ لها ملكه انقيادية لمشتهاه وتمنعها إذا مات البدن عن لذاتها الخاصة بها من مجاوره المقربين ومشاهده الأمور الجميلة وأنوار القدسيين ولا يكون معها البدن فيلهيها كما كان قبل البدن ينسيها فصدر من الرحمة الإلهية والشريعة الرحمانية الامر بتطويع القوى الامارة للنفس المطمئنة بالشرائع الدينية والسياسات الإلهية رياضه للجسد وهواه ومجاهدة للنفس الآدمية مع اعداه من قواه لينخرط معها في سلك التوجه إلى جناب الحق من عالم الزور ومعدن الغرور ولا يعاوقها بل يشايعها في مطالبها ويرافقها في مآربها.