هذا الوجود فرضا مباينة أصلا وتغاير فلا يكون اثنان بل يكون هناك ذات واحده ووجود واحد كما أشار اليه صاحب التلويحات بقوله صرف الوجود الذي لا أتم منه كلما فرضته ثانيا فإذا نظرت فهو هو إذ لا ميز في صرف شئ فوجوب وجوده الذي هو ذاته بذاته تعالى يدل على وحدته كما في التنزيل شهد الله انه لا إله إلا هو وعلى موجودية الممكنات به كما في قوله تعالى ا ولم يكف بربك انه على كل شئ شهيد.
برهان عرشي ولنا بتأييد الله تعالى وملكوته الاعلى برهان (1) آخر عرشي على توحيد واجب الوجود تعالى يتكفل لدفع الاحتمال المذكور ويستدعى بيانه تمهيد مقدمه وهي ان حقيقة الواجب تعالى لما كان في ذاته مصداقا للواجبية ومطابقا للحكم عليه بالموجودية بلا جهة أخرى غير ذاته والا لزم احتياجه في كونه واجبا وموجودا إلى غيره كما مر من البيان وليست للواجب تعالى جهة أخرى في ذاته لا يكون بحسب تلك الجهة واجبا وموجودا والا يلزم التركيب في ذاته من هاتين الجهتين ابتداء ا (2) أو بالآخرة وقد تحقق بساطته تعالى من جميع الوجوه كما سيجئ فحينئذ نقول يلزم ان يكون واجب الوجود بذاته موجودا وواجبا بجميع الحيثيات الصحيحة وعلى جميع الاعتبارات المطابقة لنفس الامر والا لم يكن حقيقته بتمامها مصداق حمل الوجود والوجوب إذ لو فرض كونه فاقدا لمرتبة من مراتب الوجود ووجه من وجوه التحصل أو عادما لكمال من كمالات الموجود بما هو موجود فلم يكن ذاته من هذه الحيثية مصداقا للوجود فيتحقق حينئذ في ذاته جهة امكانية أو امتناعية يخالف جهة الفعلية والتحصل فيتركب ذاته من حيثيتي الوجوب وغيره من الامكان والامتناع وبالجملة ينتظم ذاته من جهة وجوديه وجهه عدمية فلا يكون واحدا حقيقيا وهذا مفاد ما مر في الفصل السابق ان واجب الوجود بالذات واجب