القصد وسلوك الأمة الوسط في نحو وجود هذه المعاني وانها (1) على اي سبيل تكون ثابته ومنفية معا وربما قرع سمعك من أقوام ليسوا من أهل المخاطبة والتوهين لكلامهم والبحث عن مرامهم ان هذه الأمور لا يزيد على ما يضاف هي إليها من الماهيات الموصوفة بها لا ذهنا ولا عينا فإنك تعلم بأول الفطرة انه إذا قيل الانسان ممكن الوجود أو الفلك ممكن الوجود لا يعنى بامكان الوجود في الانسان نفس معنى الانسان وفي الفلك نفس معنى الفلك على قياس ما نقلناه عنهم في الوجود بل هو معنى واحد يقع عليهما فلو حمل الامكان على الانسان وعنى به نفس معنى الانسان ثم حمل على الفلك وعنى به نفس الفلكية فلم يكن معنى واحد وضع بإزائه لفظ واحد غير ما وضع بإزائه الانسان والفلك وان قيل على الفلك بالمعنى الذي قيل على الموصوفات بالانسانية فقد كان المفهوم من الانسان والفلك شيئا واحدا وذلك بديهي البطلان.
فقد ثبت ان معنى الامكان إذا حمل على الماهيات المختلفة فليس هو عين تلك أو واحدا منها بل امر آخر يعمها عموم العرض العام اللاحق وقد قضى العجب عنهم وعن قولهم هذا بعض أبناء الحكمة والتحقيق حيث قال إن هؤلاء يوافقون أبناء الحقيقة في الاحتجاج على وجود الصانع تعالى بان العالم ممكن مفتقر إلى سبب مرجح ثم إذا باحثوا في الامكان يقولون هو نفس الشئ الذي يضاف اليه فكأنهم قالوا العالم محتاج إلى الصانع لان العالم عالم.
قاعده اشراقية قد وضع شيخ الاشراقيين قاعده لكون الامكان وأشباهه أوصافا عقلية لا صوره لها في الأعيان بان كل طبيعة عامه يقتضى نوعه إذا كانت له صوره خارجيه ان يتكرر متسلسلا مترادفا يتولد منه في الوجود سلاسل متولدة معا إلى لا نهاية كالوجوب والوجود والامكان والوحدة لا تكون موجوده في الأعيان فكما انه إذا كانت للوجود صوره عينيه وراء الماهية الموجودة