بعد ما كانت قاعده وهبت (1) همتي غب ما كانت راكده واهتز الخامد من نشاطي وتموج الجامد من انبساطي وقلت لنفسي هذا أوان الاهتمام والشروع وذكر أصول يستنبط منها الفروع وتحليه الاسماع بجواهر المعاني الفائقة وابراز الحق في صورته المعجبة الرائقة فصنفت كتابا إليها للسالكين المشتغلين بتحصيل الكمال وأبرزت حكمه ربانية للطالبين لاسرار حضره ذي الجمال والجلال كاد ان يتجلى الحق فيه بالنور الموجب للظهور وقرب ان ينكشف بها كل مرموز ومستور وقد اطلعني الله فيه على المعاني المتساطعة أنوارها في معارف ذاته وصفاته مع تجوال عقول العقلاء حول جنابه وترجاعهم حاسرين (2) وألهمني بنصره المؤيد به من يشاء من عباده الحقائق المتعالية اسرارها في استكشاف مبدئه ومعاده مع تطواف فهوم الفضلاء حريم حماه وتردادهم خاسرين فجاء بحمد الله كلاما لا عوج فيه ولا ارتياب ولا لجلجه (3) ولا اضطراب يعتريه حافظا للأوضاع رامزا مشبعا في مقام الرمز والاشباع قريبا من الافهام في نهاية علوه رفيعا عاليا في المقام مع غاية دنوه إذ قد اندمجت فيه العلوم التألهية في الحكمة البحثية وتدرعت فيه الحقائق الكشفية بالبيانات التعليمية وتسربلت الاسرار الربانية بالعبارات المانوسة للطباع واستعملت المعاني الغامضة في الألفاظ القريبة من الاسماع فالبراهين تتبختر (4) اتضاحا وشبه الجاهلين للحق تتضال (5) افتضاحا انظر بعين عقلك إلى معانيه هل تنظر فيه من قصور ثم ارجع البصر كرتين إلى ألفاظه هل ترى فيه من فطور وقد أشرت في رموزه إلى كنوز من الحقائق لا يهتدى إلى معناها الا من عنى (6) نفسه بالمجاهدات العقلية حتى يعر ف المطالب ونبهت في فصوله إلى أصول لا يطلع على مغزاها (7) الا من اتعب بدنه فالرياضات الدينية لكيلا
(٩)