مقامه وحقية ما ذكرناه لا يظهر الا بعد غور تام وتأمل كامل في أقوالهم مع فطره سليمه عن الآفات غير سقيمه بذمائم الصفات.
ومن الغرائب أيضا ان أكثر القائلين بالجاعلية والمجعولية في الماهيات لم يجوزوا التفاوت في افراد حقيقة واحده جنسية أو نوعيه بوجه من وجوه التشكيك وبالغوا في مناقضه هذا الرأي مع حكمهم باعتبارية الوجود وقولهم صريحا والتزاما بتقدم ماهية العلة على ماهية المعلول وقد غفلوا عن انه إذا كانت العلة والمعلول كلاهما من أنواع الجوهر كالعقل الفعال والهيولي مثلا يلزمهم الاعتراف بان جوهر العلة في باب الجوهرية اقدم من جوهر المعلول وهم يتحاشون عن ذلك وسيجئ تحقيق التشكيك على وجه يزول عنه وبه الشكوك إن شاء الله تعالى.
حكمه عرشيه فالحق في هذه المسألة على ما يؤدى اليه النظر الصحيح هو مجعولية الوجود بالجعل البسيط لا نفس الماهيات لعدم ارتباطها في حدود أنفسها بالفاعل وقد بينا ان المعلول من حيث كونه معلولا مرتبط بالعلة نحوا من الارتباط مجهول الكنه سواء ا كان الوجود ذا ماهية تقتضى لذاتها تعلقا بماهية من الماهيات من دون الافتقار إلى تخلل بين الماهية وبينه أو لم يكن كذلك.
فان قلت لم لا يكون الأثر الأول للجاعل اتصاف الماهية بالوجود كما هو المشهور عن المشائين بالمعنى الذي حقق أعني متعلق الهيئة التركيبية (1).
قلت هذا فاسد من وجهين الأول ان اثر الفاعل الموجود يجب ان يكون امرا موجودا والاتصاف باي معنى اخذ فهو امر اعتباري لا يصلح كونه اثرا للجاعل.
والثاني ان اتصاف شئ بصفه وان لم يتفرع على ثبوت تلك الصفة لكن يتفرع على ثبوت الموصوف فثبوت الماهية قبل اتصافه بالوجود اما بنفس ذلك الوجود فيلزم تقدم الشئ على نفسه وتحصيل الحاصل أو بغيره فننقل الكلام إلى