الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٤٥
موضوع كما تفتقر الملكة اليه.
ثم مطلق الوجود للشئ المتحقق باي نحو من الانحاء وطور من الأطوار يقابله العدم المطلق المساوق لرفع جمله الوجودات وقد يجتمعان لا باعتبار التقابل كما في تصور مفهوم المعدوم المطلق المتعري عن الوجود مطلقا إذ قد انسلب عنه جميع الوجودات في هذا الاعتبار مع أن هذا الاعتبار بعينه نحو وجود وهذا الانسلاب بذاته نحو انتساب وهذا التعري في نفسه نحو خلط لعدم انسلاخه عن تصور ما والتصور وجود عقلي فهو فرد من افراد مطلق الوجود فانظر إلى شمول نور الوجود وعموم فيضه كيف يقع على جميع المفهومات والمعاني حتى على مفهوم اللا شئ والعدم المطلق والممتنع الوجود بما هي مفهومات متمثلات ذهنية لا بما هي سلوب واعدام وقد ذكرنا اختلاف حمل الشئ على الشئ بالذاتي الأولى والعرضي الصناعي وبه يندفع اشكال المجهول المطلق وما شاكله ففي هذا الموضع نقول للعقل ان يتصور جميع المفهومات حتى عدم نفسه (1)

(١) لا يذهب عليك ان ليس المراد من قوله للعقل يتصور جميع المفهومات الخ ان لمفاهيم العدم والمعدوم المطلق وغير ذلك مما عده ثبوتا في نفسها ثم ينالها العقل كما ينال غيرها فان ذلك خطا ولو كان لهذه المفاهيم ثبوت كذلك كانت من جمله الماهيات الخارجية وقد عرفت في بعض تعليقاتنا المتقدمة ان الثبوت النفس الامري بمعنى ثبوت المفهوم في نفسه لا يلائم القول بأصالة الوجود وبمعنى ثبوت المفهوم عند العقل الفعال لا يدفع اشكال حاجه المفهوم إلى المصداق وبالجملة ليس لهذه المفاهيم ثبوت في خارج العقل أصلا بل العقل اي الذهن هو الصائغ لها الجاعل إياها لكن لا بمعنى جعلها أمورا مستقلة في نفسها افعالا له والا لم تكن مفاهيم بل مصاديق غير قابله الصدق على شئ بل على أنها مفاهيم حاكيه عما ورائها فلها امر وراء الذهن نظير المفاهيم الماهوية ولذلك نوقعها على الخارج وما هو في حكمه نقول زيد موجود في الخارج وعمرو معدوم في الخارج وهكذا وإذ ليست في الخارج تحقيقا فهي فيه فرضا وتقديرا وهذا معنى قوله ره بعد عده أسطر كل ذلك على سبيل ايجاب قضية حملية غير بتية في قوه قضية شرطية لزومية غير صادقه الطرفين الخ وقد قدمنا في مباحث الوجود الذهني ان لازم براهين الباب ان كل ما حيثية ذاته عين حيثية ترتب الآثار كالوجود العيني أو حيثية ذاته حيثية البطلان كالعدم فمن المستحيل ان تحل الذهن لاستحالة سلب الآثار عن القسم الأول وعدم الآثار في القسم الثاني فهذان المفهومان أعني مفهومي الوجود والعدم وجميع ما يلحق بهما من العناوين المجعولة الذهنية غير منتزعة من خارج محقق بل الذهن تختلقها بنحو من الفرض والتقدير.
وتوضيح ذلك ان الفرض والتقدير هو اعطاء الذهن مفهوم شئ لشئ أو حكم شئ لشئ آخر كفرض ان الفرس حيوان ناطق فيكون انسانا وفرض ان الفرس انسان فيكون متعجبا ضاحكا وهكذا وللانسان من جهة ما تعود ذهنه حمل شئ على شئ ان يفرض امرا نسبته إلى ثان كنسبه ثالث إلى رابع ويحصل بذلك مفهوم جديد غير مأخوذ من الخارج محققا وبلا واسطه فللعقل ان يفرض شيئا نسبته إلى الماهيات الخارجية نسبه النور إلى الشئ الواقع في الظلمة في أنه يتنور به ويجده الفاحص الناشد بسببه ويظهر به افعاله ثم يسميه وجودا وللعقل ان يفرض شيئا نسبته إلى الماهية الموجودة أو إلى الوجود نسبه رفع الشئ عن محله الذي استقر فيه أو نزع اللباس عن المتلبس به أو نسبه الغيبة إلى الشئ الغائب عن النظر وهكذا وهو مفهوم العدم وعلى هذا القياس في جميع المفاهيم الاعتبارية فافهم ذلك.
واعلم أن الفرض العقلي الموجد لهذه المفاهيم من حيث السبب الموجب والعامل المحرك لذلك على قسمين.
أحدهما ما سببه ثابت دائم وهو الذي لا ينفك عن ادراك العقل ولا في حال كالسبب الموجب لانتزاع مفهوم الوجود والعدم والوحدة والكثرة ونحو ذلك مما يمكن ان يقام عليه البرهان.
وثانيهما ما سببه جزئي اتفاقي وعلى تقدير دون تقدير كالسبب الموجب لجعل المفاهيم الاعتبارية الاجتماعية كمعنى الرئاسة والمرئوسية والسيادة وغير ذلك ومن هذا الباب جميع الاستعارات والتخييلات الشعرية ونحوها وللكلام ذيل طويل سيمر بك بعضه في ما سيأتي من مباحث الماهية وغيرها إن شاء الله تعالى ط
(٣٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 340 341 342 343 344 345 346 347 348 349 350 ... » »»
الفهرست