الفاعل بوجوده واتصافه بالوجود والحاصل ان الوجود امر عيني بذاته سواء ا صح اطلاق لفظ المشتق عليه بحسب اللغة أم لا لكن الحكماء إذا قالوا كذا موجود لم يريدوا بمجرد ذلك ان يكون الوجود زائدا عليه بل قد يكون وقد لا يكون كالوجود الواجبي المجرد عن الماهية فكون الموجود ذا ماهية أو غير ذي ماهية انما يعلم ببيان وبرهان غير نفس كونه موجودا فمفهوم الموجود مشترك عندهم بين القسمين.
وبذلك يندفع ما قيل أيضا من أنه إذا اخذ كون الوجود موجودا انه عبارة عن نفس الوجود فلم يكن حمله على الوجود وغيره بمعنى واحد إذ مفهومه في الأشياء انه شئ له الوجود وفي نفس الوجود انه هو الوجود ونحن لا نطلق على الجميع الا بمعنى واحد وإذ ذاك فلا بد من اخذ كون الوجود موجودا كما في سائر الأشياء وهو انه شئ له الوجود ويلزم منه ان يكون للوجود وجود إلى غير النهاية وعاد الكلام جذعا لأنا نقول هذا الاختلاف بين الأشياء وبين الوجود ليس في مفهوم الموجود بل المفهوم واحد عندهم في الجميع سواء ا طابق اطلاقهم عرف اللغويين أم لا وكون الموجود مشتملا على امر غير الوجود أو لم يكن بل يكون محض الوجود انما ينشأ من خصوصيات ما صدق عليها لا من نفس مفهوم الوجود ونظير ذلك ما قاله الشيخ في الهيات الشفاء ان واجب الوجود قد يعقل نفس واجب الوجود كالواحد قد يعقل نفس الواحد وقد يعقل من ذلك ان ماهيته مثلا هي انسان أو جوهر آخر من الجواهر وذلك الانسان هو الذي هو واجب الوجود كما أنه يعقل من الواحد انه ماء أو هواء أو انسان وهو واحد (1) قال ففرق اذن بين ماهية يعرض لها الواحد أو الموجود وبين الواحد والموجود من حيث هو واحد وموجود وقال أيضا في التعليقات إذا سئل هل الوجود موجود أوليس بموجود فالجواب انه موجود بمعنى ان الوجود حقيقته انه موجود فان الوجود هو الموجودية ويؤيد ذلك ما يوجد في الحواشى الشريفية وهو ان مفهوم الشئ لا يعتبر في مفهوم الناطق مثلا والا لكان العرض العام داخلا في الفصل ولو اعتبر في المشتق ما صدق عليه الشئ انقلبت مادة الامكان الخاص