الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٦٥
فصل في أن العدم ليس رابطيا الفلاسفة المتقدمون (1) على أن النسبة الحكمية في كل قضية موجبه كانت أو سالبه ثبوتية ولا نسبه في السوالب وراء النسبة الايجابية التي هي في
(1) محصل ما يفيده ظاهر كلامه رحمه الله والظاهر أنه ينسبه جميعا إلى القدماء ان اجزاء القضايا تختلف عنده بحسب اختلاف الهليات بساطه وتركيبا وايجابا وسلبا اما الهليات البسيطة الموجبة فاجزاؤها ثلاثة الموضوع والمحمول والحكم ولا نسبه حكمية فيها لأن مفادها الحكم بثبوت الموضوع لا ثبوت شئ للموضوع واما الهليات البسيطة السالبة فاجزاؤها اثنان الموضوع والمحمول ولا حكم فيها بل مفادها نفى الحكم ورفع ثبوت الموضوع ولا مطابق للرفع والعدم في الخارج واما الهليات المركبة الموجبة فاجزاؤها أربعة الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية وهي نسبه المحمول إلى الموضوع والحكم المتعلق بالنسبة الحكمية واما الهليات المركبة السالبة فاجزاؤها ثلاثة الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية ولا حكم فيها كما تقدم في الهلية البسيطة السالبة هذا بالنظر إلى أصل العقد.
واما بالنظر إلى لحوق المواد بها أعني الضرورة والامكان والامتناع فلازم ما ذكروه في الاجزاء أن تكون المواد كيفيات النسب التي في الموجبات فيكون الحكم واردا عليها فيها واما السوالب فالسلب وهو رفع الحكم وارد على المادة لا ان المادة كيفية السلب إذ لا نسبه سلبية تتكيف بالمادة بل السلب سلب للنسبة المتكيفة بالكيفية الكذائية فالسالبة الضرورية تفيد رفع ضرورة ثبوت المحمول للموضوع لا ضرورة رفع ثبوت المحمول للموضوع ولولا ذلك لم يتحقق التناقض بين القضايا لان التناقض هو التقابل الواقع بين ثبوت الحكم وارتفاع ثبوته دون التقابل الواقع بين ثبوت الحكم وثبوت رفع الحكم فإنه من التضاد دون التناقض وكذلك القول في الحكم بضرورة الثبوت وارتفاع ذلك الحكم فهما المتناقضان دون الحكم بضرورة الثبوت والحكم بضرورة عدم الثبوت أو الحكم العدمي بضرورة الثبوت فافهم ذلك.
واما المتأخرون فظاهر كلام الأكثر منهم ان القضايا سواء ا كانت هليات بسيطه أو مركبه موجبه أو سالبه فلها أربعة اجزاء الموضوع والمحمول والنسبة الحكمية والحكم وان هناك نسبه سلبية كالنسبة الايجابية وان في القضايا السالبة حكما كما في القضايا الموجبة وتعويلهم في ذلك على أن ذلك هو المعقول من القضايا من غير فرق فيه بين الهليات فان المعقول من قولنا الانسان موجود هو اثبات المحمول للموضوع اي جعل وجوده له كما أن المعقول من قولنا الانسان كاتب هو ذلك أيضا من غير فرق في ذلك بين الايجاب والسلب فان قولنا لا شئ من الانسان بحجر بالضرورة نعقل منه انسلاب الحجرية عن الانسان انسلابا ضروريا لا سلب ثبوتها الضروري للانسان حتى يرتفع التناقض بين قولينا الانسان حجر بالامكان وليس الانسان بحجر بالضرورة.
والحق ما ذهب اليه القدماء الا ان هناك امرا يجب التنبه اليه وهو ان الحكم أعني التصديق كما ذهب اليه المصنف ره وبينه بما لا مزيد عليه في رسالة مفرده معموله في التصور والتصديق ليس داخلا في شئ من المقولات العرضية ولا هو من التصورات الذهنية وانما هو فعل النفس فعلا خارجيا بمعنى جعلها الموضوع هو المحمول وهذا امر لا يحتاج في تحققه إلى تصور النسبة الحكمية ولذلك يتم الحكم في الهليات البسيطة بمجرد تصور الطرفين من غير حاجه إلى تصور النسبة الحكمية كما ذكره المصنف ره فالتصديق من حيث هو تصديق غير مفتقر إلى تحقق نسبه حكمية هناك ولا ان التصديق مختلف في الهليات البسيطة والمركبة لا نوعا ولا بالشدة والضعف حتى يختلف حكمه في الموارد من حيث الحاجة إلى النسبة الحكمية وعدمها فالحق ان تصور النسبة الحكمية لازم مقارن للقضية غير داخل في قوامها نظير اللازم بالقصد الضروري ويشهد به ما نشاهده من أذهاننا انها تستعمل النسبة الحكمية في الهليات البسيطة وفي السوالب أيضا كما تستعملها في الهليات المركبة الموجبة وهو ظاهر.
فقد تحقق بما قدمناه ان القضايا الموجبة سواء ا كانت هليات بسيطه أو مركبه ذوات اجزاء ثلاثة الموضوع والمحمول الحكم والسوالب كائنة ما كانت ذوات جزئين الموضوع والمحمول واما النسبة الحكمية فإنما هي تصاحب القضايا من جهة كون المحمولات في الهليات المركبة موجوده للموضوعات فيضطر الذهن إلى تصور ارتباطها بالموضوعات ثم يعمم الذهن ذلك إلى عامه القضايا غلطا منه وبعبارة أخرى مفاد القضية الموجبة هو الحمل وجعل وجودهما واحدا ومفاد القضية السالبة سلب الحمل اي ان الذهن لم يأت بفعله الذي هو الحكم وتوحيد الموضوع والمحمول وجودا لكن لما كان وجود المحمول في الهليات المركبة وجودا غيريا أوجب ان يتصور الذهن ربطه بالموضوع وهو النسبة الحكمية فافهم ذلك.
واما ما استدل به المتأخرون على أن في السوالب حكما ومادة وان في الهليات البسيطة نسبه حكمية وهو انا نعقل ذلك في الجميع من غير فرق فقد أجاب عنه المصنف ره بقوله بعد أسطر وما يتوهم ان العنصر الثابت الخ ط مده