أحدهما كون الواحد بحيث يحصل منه الشئ وامكانه (1) وحصول شيئين من واحد يستدعى جهتين فيه وهذا محال في الذات الأحدية.
والثاني ان يكون امكان الممكن بفعل فاعل فيكون امكان الممكن معللا بغيره وقد علمت أن الامكان لا يكون معللا فضلا عن كونه معللا بغير ذات الممكن وليس لاحد منهم ان يقول إن الامكان لا يتقدم على المعلول الأول وسائر الأزليات فإنه يلزم ان يكون الامكان انما يحصل بعد ان يوجد الشئ وقد اعترف بان الممكنات لها حدوث ذاتي فاذن امكانها متقدم على وجوبها الذي يحصل لها بغيرها إذ الوجوب بالغير منوط بامكان الشئ في نفسه كيف وحال الشئ في نفسه من نفسه متقدم على حاله من غيره . ولا يمكن الاعتذار بما يقال إن امكان الأزليات له معنى آخر غير الامكان في غيرها فان الامكان الحقيقي الذي هو قسيم الوجوب والامتناع لا يخلو عنه شئ من المعلولات كيف وان لم يكن الابداعيات الدائمية ممكنه في ذاتها بالمعنى القسيم للواجب والممتنع كانت واجبه بذاتها أو ممتنعه بذاتها وليس كذا.
وكذا لا ينفع الاعتذار بما وجد في مسودات بقيت من الشيخ الرئيس سماها بالانصاف والانتصاف من أن جود الحق الأول لا يمكن المعلولات من تقدم الامكان عليها فان الكلام ليس في التقدم الزماني حتى يحصل الفرق بين المبدع والكائن في سبق الامكان على أحدهما دون الاخر انما الكلام في التقدم بالذات أو بالطبع ولا شك ان الامكان إذا كان امرا في العين والوجود بالغير مشروط بالامكان في نفسه وما للشئ من ذاته يتقدم على ما له من غيره سيما إذا كان ما له من غيره مشروطا بماله من ذاته فلا مخلص من هذا الاشكال للقائلين بموجودية الامكان الا بالمصير إلى ما حققناه في الاعتذار عنهم وهو كون الامكان ونظائره موجودات لغيرها معدومات