الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٨٩
الممكن في نفسه مع انقطاعه عن سببه باطلا محضا وليس له امتياز ولا تأثير ولا اقتضاء أصلا.
وأيضا لو اقتضى ذات ممكن ما أولوية وجوده ورجحانه لزم الترجيح من غير مرجح لأنه لما لم يكن قبل وجوده تميز ولا تخصص فحيث اقتضى ممكن ما أولوية وجوده وتخصصه بمرتبه من مراتب الوجود ولا يقتضى ممكن آخر أولوية وجوده وتخصصه بتلك المرتبة مع عدم تميز شئ منهما عن الاخر لبطلانهما في تلك المرتبة يلزم ما ذكرناه من الترجيح بلا مرجح والتخصيص بلا مخصص وأشير إلى معنى الامكان الذاتي الشامل لجميع الممكنات في قوله تعالى كل شئ هالك الا وجهه إذ الهلاك عبارة عن لا استحقاقية الوجود فاستثنى وجهه وهو جهة الوجوب الذي هو فعليه الوجود وبهذه النغمة الروحانية قيل اهتزت نفس النبي اهتزازا علويا لا سفليا حيث سمع قول لبيد الا كل شئ ما خلا الله باطل وكل نعيم لا محاله زائل.
وطربت طربا قدسيا لا حسيا وقال اللهم الا ان العيش عيش الآخرة.
واما الحق (1) فقد يعنى به الوجود في الأعيان مطلقا فحقية كل شئ نحو وجوده العيني وقد يعنى به الوجود الدائم وقد يعنى به الواجب لذاته وقد يفهم عنه حال القول والعقد من حيث مطابقتهما لما هو واقع في الأعيان فيقال هذا قول حق وهذا اعتقاد حق وهذا الاعتبار من مفهوم الحق هو الصادق (2) فهو الصادق باعتبار نسبته إلى الامر وحق باعتبار نسبه الامر اليه وقد أخطأ (3) من توهم ان الحقية عبارة عن نسبه الامر في نفسه إلى القول أو العقد والصدق نسبتهما إلى الامر في نفسه فان التفرقة بينهما بهذا الوجه فيها تعسف وأحق الأقاويل ما كان صدقه دائما

(1) اي المذكور في أول الفصل فله أربعة معان المرادف للوجود المطلق بل مطلق الوجود والوجود الدائم كوجود العقل والحق تعالى شانه ومطابقية القول بالفتح للواقع وكذا مطابقية العقد الذي في القضايا المعقولة له س ره (2) ومرجعه إلى أن الحق هو الوجود العيني وانما يتصف به القول بدعوى ان مضمونه هو الوجود العيني واما الصدق فهو مطابقه القول للخارج على اي حال ط (3) فجعل زيد قائم إذا كان قائما في الواقع صادقا والواقع حقا وهذا تعسف لأنه يكون من قبيل وصف الشئ بحال متعلقه إذا قلنا هذا القول حق س ره
(٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 84 85 86 87 88 89 90 91 92 93 94 ... » »»
الفهرست