الصورة الحاصلة في موادها من غير ارتباطها وقيامها بالنفس جزئيه ومحسوسة لا كليه ومعقوله لعدم استخلاصها بعد عن الغواشي واللبوسات المادية التي تمنع المدرك ان يصير معقولا للنفس وقد فرضنا انها معقوله للنفس موجوده بوجود آخر غير وجودها الخارجي الذي يصحبها الأغشية والأغطية الجسمانية المادية فتدبر ثم ليت شعري إذا كان المعلوم موجودا مجردا عن المادة قائما بذاته والنفس أيضا كذلك فما معنى كونه فيها وما المرجح في كون أحدهما ظرفا والاخر مظروفا.
والظرفية بين شيئين مع مبائنة أحدهما عن الاخر في الوجود انما يتصور في المقادير والاجرام.
نعم من استنار قلبه بنور الله وذاق شيئا من علوم الملكوتيين يمكنه ان يذهب إلى ما ذهبنا اليه حسبما لوحناك اليه في صدر المبحث ان النفس بالقياس إلى مدركاتها الخيالية والحسية أشبه بالفاعل المبدع منها بالمحل القابل وبه يندفع كثير من الاشكالات الواردة على الوجود الذهني التي منباها على أن النفس محل للمدركات وان القيام بالشئ عبارة عن الحلول فيه.
منها (1) كون النفس هيولي الصور الجوهرية.
ومنها (2) صيرورة الجوهر عرضا وكيفا.
ومنها اتصاف النفس بما هو منتف عنها كالحرارة والبرودة وحركه والسكون والزوجية والفردية والفرسية والحجرية إلى غير ذلك من العويصات المتعلقة بهذا المقام.
فإنه إذا ثبت وتحقق ان قيام تلك الصور الادراكية بالنفس ليس بالحلول بل بنحو آخر غيره لم يلزم محذور أصلا ولا حاجه إلى القول بان ما هو قائم بالنفس غير ما هو حاصل لها وهذا في المحسوسات ظاهرية كانت أو باطنية.