كل من الطبائع الامكانية والمفهومات العقلية لا يأبى مفهومها ومعناها عن لحوق شئ إليها وزواله عنها مما هو غير ذاتها وذاتياتها من الوجود والعدم وغيرهما وذلك لعدم قيام الوجود بذواتها الناقصة في الواقع فلا يأبى العدم ولو في زمان انصباغها بصبغ الوجود وظهورها بنوره واما بالنظر إلى إفاضة الحق وتجليه في صور الأسماء والصفات وابقائه للحقائق إلى غاية معلومه عند علمه المحيط بكل شئ على ما هي عليها فهي ممتنعه العدم مستحيلة الفساد فتجويز العدم على شئ باعتبار مرتبه من التحقق ودرجة من الوجود من أغاليط الوهم وأكاذيب المتخلية هذا تحقيق الكلام في هذا المرام على ذوق أرباب العرفان ووجدان أهل الايقان وهاهنا استبصارات تنبيهية ذكرها شيوخ الفلسفة العامية ورؤسائهم في زبرهم يناسب أهل البحث ويكفى لصاحب الطبع المستقيم إذا لم يعرضه آفة من العصبية واللجاج بل الحكم بامتناع اعاده المعدوم بديهي عند بعض الناس كما حكم به الشيخ الرئيس واستحسنه الخطيب الرازي حيث قال كل من رجع إلى فطرته السليمة ورفض عن نفسه الميل والعصبية شهد عقله الصريح بان اعاده المعدوم ممتنع الأول منها لو أعيد المعدوم بعينه لزم تخلل العدم بين الشئ ونفسه فيكون هو قبل نفسه قبلية بالزمان وذلك بحذاء الدور الذي هو تقدم الشئ على نفسه بالذات واللازم باطل بالضرورة فكذا الملزوم.
ورد بمنع ذلك بحسب وقتين فان معناها عند التحقيق تخلل العدم بين زماني وجوده واتصاف وجود الشئ بالسابق واللاحق نظرا إلى وقتين لا ينافي اتحاده بالشخص.
وأنت تعلم سخافة هذا الكلام بتذكر ما أصلناه من أن وجود الشئ بعينه هويته الشخصية فوحده الذات مع تعدد الوجود غير صحيح واما توهم الانتقاض بالبقاء فهو ساقط لان الذات المستمرة وحدتها باقيه والتكثر بحسب تحليل الذهن ليس في الحقيقة الا للزمان بهويته الاتصالية الكمية فينحل في الوهم إلى الاجزاء وتكثر اجزاء الزمان مستتبع لتكثر نسبه الذات الواقعة فيها المنحفظة وحدتها