تصورات غريبه لطيفه وتصرفات مليحة شريفة تعد نفوس الطالبين للحق ملكه لاستخراج المسائل المعضلة وتفيد أذهان المشتغلين بالبحث اطلاعا على المباحث المشكلة والحق ان أكثر المباحث المثبتة في الدفاتر المكتوبة في بطون الأوراق انما الفائدة فيه مجرد الانتباه والإحاطة بأفكار أولى الدارية والانظار لحصول الشوق إلى الوصول لا الاكتفاء بانتقاش النفوس بنقوش المعقول أو المنقول فان مجرد ذلك مما لا يحصل به اطمينان القلب وسكون النفس وراحة البال وطيب المذاق بل هي مما يعد الطالب لسلوك سبيل المعرفة والوصول إلى الاسرار إن كان مقتديا بطريقه الأبرار متصفا بصفات الأخيار وليعلم ان معرفه الله تعالى وعلم المعاد وعلم طريق الآخرة ليس المراد بها الاعتقاد الذي تلقاه العامي أو الفقيه وراثه وتلقفا (1) فان المشغوف بالتقليد والمجمود على الصورة لم ينفتح له طريق الحقائق كما ينفتح للكرام الإلهيين ولا يتمثل له ما ينكشف للعارفين المستصغرين لعالم الصورة واللذات المحسوسة من معرفه خلاق الخلائق وحقيقة الحقائق ولا ما هو طريق تحرير الكلام والمجادلة في تحسين المرام كما هو عاده المتكلم وليس أيضا هو مجرد البحث البحت كما هو دأب أهل النظر وغاية أصحاب المباحثة والفكر فان جميعها ظلمات بعضها فوق بعض إذا اخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور بل ذلك نوع يقين هو ثمره نور يقذف في قلب المؤمن بسبب اتصاله بعالم القدس والطهارة وخلوصه بالمجاهدة عن الجهل والاخلاق الذميمة وحب الرئاسة والاخلاد إلى الأرض والركون إلى زخارف الأجساد وانى لأستغفر الله كثيرا مما ضيعت شطرا من عمرى في تتبع آراء المتفلسفة والمجادلين من أهل الكلام وتدقيقاتهم وتعلم جربزتهم في القول وتفننهم في البحث حتى تبين لي آخر الامر بنور الايمان وتأييد الله المنان ان قياسهم عقيم وصراطهم غير مستقيم فالقينا زمام أمرنا اليه والى رسوله النذير المنذر فكل ما بلغنا منه آمنا به وصدقناه ولم نحتل ان نخيل له وجها
(١١)