اعزازهم واضرارهم فتوجهت توجها عزيزيا نحو مسبب الأسباب وتضرعت تضرعا جبليا إلى مسهل الأمور الصعاب فلما بقيت على هذا الحال من الاستتار والانزواء والخمول والاعتزال زمانا مديدا وامدا بعيدا اشتعلت نفسي لطول المجاهدات اشتعالا نوريا والتهب قلبي لكثره الرياضات التهابا قويا ففاضت عليها أنوار الملكوت وحلت بها خبايا الجبروت ولحقتها الأضواء الأحدية وتداركتها الألطاف الإلهية فاطلعت على اسرار لم أكن اطلع عليها إلى الان وانكشفت لي رموز لم تكن منكشفة هذا الانكشاف من البرهان بل كل ما علمته من قبل بالبرهان عاينته مع زوائد بالشهود والعيان من الاسرار الإلهية والحقائق الربانية والوداع اللاهوتية والخبايا الصمدانية فاستروح العقل (1) من أنوار الحق بكره وعشيا وقرب بها منه وخلص اليه نجيا فركى بظاهر جوارحه فإذا هو ما ثجاج وزوى (2) بباطن تعقلاته للطالبين فإذا هو بحر مواج أودية الفهوم سالت من فيضه بقدرها وجداول العقول فاضت من رشحه بنهرها فأبرزت الاوادي على سواحل الاسماع جواهر ثاقبه ودررا وأنبتت الجداول على الشواطئ زواهر ناضرة وثمرا وحيث كان من دأب الرحمة الإلهية وشريعة العناية الربانية ان لا يهمل امرا ضروريا يحتاج اليه الاشخاص بحسب الاستعداد ولا يبخل بشئ ء نافع في مصالح العباد فاقتضت رحمته ان لا يختفى في البطون والاستتار هذه المعاني المنكشفة لي من مفيض عالم الاسرار ولا يبقى في الكتمان والاحتجاب الأنوار الفائضة على من نور الأنوار فألهمني الله الإفاضة مما شربنا جرعه للعطاش الطالبين والالاحه (3) مما وجدنا لعمه لقلوب السالكين ليحيى من شرب منه جرعه ويتنور قلب من وجد منه لعمه فبلغ الكتاب اجله وأراد الله تقديمه وقد كان اجله فأظهره في الوقت الذي قدره وأبرزه على من له يسره فرأيت اخراجه من القوة إلى الفعل والتكميل وابرازه من الخفاء إلى الوجود والتحصيل فاعملت فيه فكري وجمعت على ضم شوارده امرى وسالت الله تعالى ان يشد أزري ويحط بكرمه وزري ويشرح لاتمامه صدري فنهضت عزيمتي
(٨)