ان الانسانية التي في الذهن تشارك الانسان في الحقيقة وهي جوهر أيضا وحاله في الذهن ومحلها مستغن عنها فقد وقع فيما لا مهرب عنه على ما علمت آنفا.
والعجب أن المولى الدواني مصر على جوهرية المعاني الجوهرية الذهنية قائلا ان الجوهر ماهية من شانها ان يكون في الخارج لا في الموضوع وشنع على القائل بكون صوره الجوهر الذهنية من باب الكيف انه يلزم حينئذ انقلاب الجوهر كيفا.
ولم يعلم أن لزوم انقلاب الحقيقة على ما صوره وتوهمه الصق به والزم كما يظهر عند التعمق والتدبر اللهم الا ان يلتزم في جميع الحدود التي للأنواع الجوهرية التقييد بكونها إذا وجدت في الخارج كذا وكذا إذ كما أن جوهرية الانسان الذهني كذلك فكذا قابليته للابعاد ومقداره ونموه وحسه ونطقه وجميع لوازم هذه المعاني وحينئذ لا فرق بين القول بكون الصورة الذهنية كيفا بالحقيقة وبين كونها نوعا من الجوهر بهذه الوجوه التعسفية فالحق ان مفهوم الانسانية وغيرها من صور الأنواع الجوهرية كيفيات ذهنية (1) يصدق عليها معانيها بالحمل الأولى ويكذب عنها بالحمل المتعارف ودلائل الوجود الذهني لا يعطى أكثر من هذا في العقليات هذا لمن لا يذعن بوجود عالم عقلي فيه صور الأنواع الجوهرية كالمعلم الأول واتباعه كما هو المشهور واما من يؤمن بوجود ذلك العالم الشامخ الإلهي فله ان يقول إن كون بعض من افراد الماهية النوعية مجردا وبعضها ماديا مما لم يحكم بفساده بديهة ولا برهان ولا وقع على امتناعه اتفاق كيف وقد ذهب العظيم أفلاطون وأشياخه العظام (2) إلى أن لكل