بقوته الوهمية للحادث الزماني عدما أزليا ثم وجودا ثم عدما طاريا كطرفين ووسط حتى أن الأوهام العامية يتخيل ان العدم يطرء على شئ ويرفع وجوده الخاص عن متن الواقع ويحك هويته عن صفحه الأعيان وذلك لذهولهم عن أن وجودات الأشياء انما هي عبارة عن تجليات المبدء الحق وأشعة نور المبدء الأول وشؤونه الذاتية لا تتبدل كل منها عما هو له إلى غيره (1) لكن المحجوب لقصور نظره عن الإحاطة بالجميع يتوهم ان كل واحد منها بطل عن صقع الوجود وجاء غيره حل في مقامه وهكذا ولم يتفطن بان طريان العدم على الشئ الثابت في الواقع لا يخلو اما ان يكون في مرتبه وجوده وفي وعاء تحققه المختص به بعينه فيلزم اجتماع النقيضين في مرتبه واحده أو في زمان واحد بعينه واما ان يكون في غير مرتبه وجوده ووعاء تحققه فالشئ يستحيل ان يكون له وجود الا في مرتبه وجوده وطرف فعليته وظهوره فان لكل شئ نحوا خاصا من الوجود ومرتبه معينه من الكون مع توابعه ولوازمه من الصفات والأزمنة والأمكنة اللائقة به الغير المتعدى عنها إلى غيرها فإذا استحال ان يكون لكل شئ الا نحو واحد من الوجود يقتضيه له أسبابه السابقة وشرائطه المتقدمة المنبعثة عن وجود المبدء الأول تعالى فلم يتصور له طور آخر من الكون غير ما هو الواقع حتى يطرء عليه العدم ويرفعه عن ساهره الأعيان أو يقع العدم بدلا عنه في مقامه المفروض له.
واما ما يقال من أن ذوات الممكنات لا يأبى عن العدم ولو حين الوجود فمعناه ان مع قطع النظر عن الأمور الخارجية وانحاء تجليات الحق الأول وكون الحقائق الوجودية من مظاهر أسماء ه الحسنى ورشحات صفاته العليا إذا نظر إلى نفس ماهية