وبمثل ما امتنع به انطباع الصورة في العين يمتنع انطباعها في موضع من الدماغ فاذن الصور الخيالية لا تكون موجوده في الأذهان لامتناع انطباع الكبير في الصغير ولا في الأعيان والا ليراها كل سليم الحس وليست عدما والا لما كانت متصورة ولا متميزة ولا محكوما عليها بالاحكام المختلفة الثبوتية وإذ هي موجوده وليست في الأذهان ولا في الأعيان ولا في عالم العقول لكونها صورا جسمانية لا عقلية فبالضرورة يكون في صقع آخر وهو عالم المثال المسمى بالخيال المنفصل لكونه غير مادي تشبيها بالخيال المتصل وهو الذي ذهب إلى وجوده الحكماء الأقدمون كأفلاطون وسقراط وفيثاغورس وانباذقلس وغيرهم من المتألهين وجميع السلاك من الأمم المختلفة فإنهم قالوا العالم عالمان عالم العقل (1) المنقسم إلى عالم الربوبية والى عالم العقول والنفوس وعالم الصور المنقسم إلى الصور الحسية والى الصور الشبحية ومن هاهنا يعلم أن الصور الشبحية ليست مثل أفلاطون لان هؤلاء العظماء من أكابر الحكماء كما يقولون بهذه الصور يقولون بالمثل الإفلاطونية وهي نورية عظيمه ثابته في عالم الأنوار العقلية وهذه مثل معلقة في عالم الأشباح المجردة بعضها ظلمانية هي جهنم عذاب الأشقياء وبعضها مستنيرة هي جنات يتنعم بها السعداء من المتوسطين وأصحاب اليمين واما السابقون المقربون فهم يرتقون إلى الدرجة العليا ويرتعون في رياض القدس عند الأنوار الإلهية والمثل الربانية نقد عرشي اعلم انا ممن يؤمن بوجود العالم المقداري الغير المادي كما ذهب اليه أساطين الحكمة وأئمة الكشف حسبما حرره وقرره صاحب الاشراق أتم تحرير وتقرير الا انا نخالف معه في شيئين (2)
(٣٠٢)