الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٢ - الصفحة ٣٣٢
فصل في أن الوجود على اي وجه يقال إنه من المعقولات الثانية وباي معنى يوصف بذلك ان كثيرا ما يطلق المعقول الثاني على المحمولات العقلية ومباديها الانتزاعية الذهنية ومن هذا القبيل الطبائع المصدرية ولوازم الماهيات والنسب والإضافات وقد يطلق على المعاني المنطقية والمفهومات الميزانية التي هي في الدرجة الثانية وما بعدها من المعقولية وهي المحمولات والعوارض العقلية التي تكون مطابق الحكم والمحكى عنه في حملها على المفهومات وانتزاعها من الموصوفات هو نحو وجودها الذهني على أن يكون المعقودة بها من القضايا ذهنيات وهذه هي موضوعات حكمه الميزان بخلاف الأولى فالوجود بالمعنى المصدري لا ما هو حقيقته وذاته (1)

(1) هذا تأكيد والا فمعلوم ان الحقيقة البسيطة النورية من الوجود ليس من شانها ان يكون معقولا أولا فضلا عن أن يكون معقولا ثانيا انما هي مصداق للمفهوم.
ثم اعلم أن كون الوجود بالمعنى المصدري اي العنوان معقولا ثانيا شئ غريب في بادي النظر على القول بأصالة الوجود فإنه كما أن مفاهيم الانسان والفرس والماء والنار والبياض والسواد ونحوها معقولات أولى لكونها عنوانات لمعنونات خارجيه كذلك مفهوم الوجود له معنون كالوجودات الخاصة من وجود الواجب تعالى ووجودات الممكنات بل المعنونات أولا وبالذات له لاعتبارية الماهيات وان كانت متحققه بالعرض وقد بينا سابقا وجود الكلى الطبيعي ولذلك كانت الماهيات أيضا معقولات أولى فتذكر.
والجواب انه فرق بين المقامين فان الافراد الخارجية للطبائع الذهنية افراد ذاتية لانحفاظ الماهية في موطن الذهن وموطن الخارج بخلاف انحاء الوجودات الخارجية فإنها ليست افرادا ذاتية للوجود العام إذ ليس بينهما ماهية مشتركه وقد مر في أول الكتاب ان الوجود العام اعتبار عقلي غير مقوم لافراده.
واما التفرقة بين الوجود بالمعنى المصدري اي الموجودية وبين مفهوم الوجود العام بان يقال مراده قده ان الموجودية معقول ثان فهي وان كانت لها وجه إذ الفرق بينهما كالفرق بين العلم المصدري وبين العلم بمعنى الصورة الحاصلة ففرق بين هستى وهست بودن في الفارسية كما بين سفيدى وسفيد بودن الا انه لا طائل في جعله مسالة علميه مع أنه لم يفرق بينهما في كثير من المواضع فيقال الوجود العام المصدري وان شئت فارجع إلى مباحث اصالة الوجود عند نقله عبارات الشيخ وبهمنيار على سبيل الاستشهاد.
ثم المراد بالشيئية التي هي من المعقولات الثانية مصدر الشئ بمعنى المشئ وجوده اي الماهية بمعنى ما يقال في جواب ما هو وانما كانت الماهية المطلقة بهذا المعنى من ثواني المعقولات لأنه ليس في الماهيات الخاصة التي كالانسان والفرس والبقر والبياض والسواد وغيرها امر وراء الخصوصيات يكون هو بحذاء الماهية المطلقة والا فاما ان يكون ذاتيا مشتركا بينها فلم تكن عوالي الأجناس أجناسا عاليه وأيضا لم يذكر في حد من حدود الماهيات واما ان يكون عرضيا مشتركا محمولا بالضميمة فلم تكن كل واحد من الأشياء الخاصة والماهيات المتعينة شيئا الا عند عروض تلك الضميمة كما ليس الجسم مستحقا لحمل الأبيض مثلا الا في المقام الثاني بضميمة البياض وهذا باطل بالضرورة واما الامكان والوجوب الذي هو كيفية النسبة فقد مر بيان اعتباريتهما س ره
(٣٣٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 327 328 329 330 331 332 333 334 335 336 337 ... » »»
الفهرست