لأنا نقول هذان الاعتباران غير مستلزمين للتركيب بوجه لعدم تخالف الجهتين فيهما بخلاف ما نحن بصدده والفرق بين القبيلين متحقق لان حيثية وجود الوجود هاهنا هي بعينها حيثية امتناع العدم بلا تغاير واختلاف لا في الذات ولا في الاعتبار لان ذاتا واحده بحسب صرافة وحدتها وبساطتها مصداق لصدق هذين المفهومين بخلاف ما نحن فيه فان ذاتا واحده بالقياس إلى معنى واحد لا يكون لها إضافتان متخالفتان متنافيتان بضرورة من الفطرة الانسانية (1) وهذا الأصل من جمله الأصول التي تقرر ما نحن بصدده من كون جميع الموجودات بحسب موجوديتها رشحات وفيوض ورقائق للوجود الإلهي وتجليات وشؤونات للحق الصمدي.
واما كون بعض انحاء العدم ممتنعا للممكن بالذات أو للممتنع بالذات فهو أيضا محل بحث فان العدم مما لا امتياز فيه حتى يمتنع بعضه دون بعض آخر كما مر بل ربما كان هذه الأوصاف العدمية مما يستتبعها بعض الأوصاف الوجودية على سبيل الاستتباع والاستجرار.
فالحق ان امتناع العدم المسبوق بالوجود للممتنع بالذات يرجع إلى امتناع ذلك الوجود السابق عليه فإنه إذا امتنع السابق على شئ امتنع اللاحق أيضا باعتبار كونه لاحقا به إذ اللاحقية لا تنفك عن السابقية وإذا اتصف اللاحق بالشئ بالامتناع لا بالذات بل باعتبار اللحوق كان امتناعه تابعا لامتناع الملحوق به فيكون امتناع العدم اي عدم كان للممتنع بالذات امتناعا بالعرض.
وهاهنا شك مشهور استصعبوه وقد سهل اندفاعه بما حققناه من أن الواجب بالذات ما يجب له طبيعة الوجود مطلقا والممتنع بالذات ما يمتنع عليه طبيعة الوجود كذلك على الوجه الذي بيناه وذلك الشك هو ان الزمان إذا امتنع عليه لذاته العدم السابق واللاحق لزم ان يكون الزمان واجب الوجود لذاته تعالى القيوم الواجب