المبهمة الذوات التي ما شمت بذواتها وفي حدود أنفسها رائحة الوجود كما سنحقق في مبحث الجعل من أن المجعول اي اثر الجاعل وما يترتب عليه بالذات هو نحو من الوجود بالجعل البسيط دون الماهية وكذا الجاعل بما هو جاعل ليس الا مرتبه من الوجود لا ماهية من الماهيات فالغرض ان الموجود في الخارج ليس مجرد الماهيات من دون الوجودات العينية كما توهمه أكثر المتأخرين كيف والمعنى الذي حكموا بتقدمه على جميع الاتصافات ومنعه لطريان العدم لا يجوز ان يكون امرا عدميا ومنتزعا عقليا والامر العدمي الذهني الانتزاعي لا يصح ان يمنع الانعدام ويتقدم على الاتصاف بغيره فمن ذلك المنع والتقدم يعلم أن له حقيقة متحققه في نفس الامر وهذه الحقيقة هي التي يسمى بالوجودات الحقيقي وقد علمت أنها عين الحقيقة والتحقق لا انها شئ متحقق كما أشرنا اليه فما أكثر ذهول هؤلاء القوم حيث ذهبوا إلى أن الوجود لا معنى له الا الامر الانتزاعي العقلي دون الحقيقة العينية.
وقد اندفع (1) بما ذكرناه قول بعض المحققين من أن الحكم بتقدم الوجود على فعليه الماهيات غير صحيح لأنه ليس للوجود معنى حقيقي الا الانتزاعي.
لأنا نقول ما حكم بتقدمه على تقوم الماهيات وتقررها انما هو الوجود بالمعنى الحقيقي العيني لا الانتزاعي العقلي ومما يدل على أن الوجود موجود في الأعيان ما ذكره الشيخ في الهيات الشفاء بقوله والذي يجب وجوده بغيره دائما إن كان فهو غير بسيط الحقيقة لان الذي له باعتبار ذاته غير الذي له باعتبار غيره وهو حاصل الهوية منهما جميعا في الوجود فلذلك لا شئ غير الواجب عرى عن ملابسه ما بالقوة والامكان باعتبار نفسه وهو الفرد وغيره زوج تركيبي انتهى.
فقد علم من كلامه ان المستفاد من الفاعل امر وراء الماهية ومعنى الوجود