يحسبون انهم يحسنون صنعا أعاذنا الله من هذه الورطة المدهشة والظلمة الموحشة وانى لقد صادفت اصدافا علميه في بحر الحكمة الزاخرة مدعمة بدعائم البراهين الباهرة مشحونة بدرر من نكات فاخره مكنونه فيها لآلئ دقائق زاهرة وكنت برهة من الزمان أجيل رأيي أردد قداحي (1) وأؤامر نفسي وأنازع سرى حدبا (2) على أهل الطلب ومن له في تحقيق الحق ارب (3) في أن أشق تلك الأصداف السمينة واستخرج منها دررها الثمينة واروق بمصفاه (4) الفكر صفاها من كدرها وانخل (5) بمنخل الطبيعة لبابها عن قشورها وأصنف كتابا جامعا لشتات ما وجدته في كتب الأقدمين مشتملا على خلاصه أقوال المشائين ونقاوة أذواق أهل الاشراق من الحكماء الرواقيين مع زوائد لم توجد في كتب أهل الفن من حكماء الاعصار وفرائد لم يجد بها طبع أحد من علماء الادوار ولم يسمح بمثله دورات السماوات ولم يشاهد شبهه في عالم الحركات ولكن العوائق كانت تمنع من المراد وعوادي (6) الأيام تضرب دون بلوغ الغرض بالأسداد فأقعدني الأيام عن القيام وحجبني الدهر عن الاتصال إلى المرام لما رأيت من معاداة الدهر بتربية الجهلة والأرذال وشعشعة نيران الجهالة والضلال ورثاثة الحال (7) وركاكة الرجال وقد ابتلينا بجماعة غاربي الفهم (8) تعمش عيونهم عن أنوار الحكمة وأسرارها تكل بصائرهم كأبصار الخفافيش عن أضواء المعرفة وآثارها يرون التعمق في الأمور
(٥)