فصل في أن حقائق الأشياء اي الأمور الغير الممتنعة (1) بالذات يمكن أن تكون معلومه للبشر ربما يوجد في بعض الكتب ان الحقائق المركبة يمكن معرفتها وذلك لأجل امكان تعريفها باجزائها المقومة لها واما البسائط فكلا لأنها لا يعقل حقائقها بل الغاية القصوى منها تعريفها بلوازمها وآثارها مثل ان يقال إن النفس (2) شئ محرك للبدن فالمعلوم منه كونه محركا للبدن فاما حقيقة النفس وماهيتها فهي غير معلومه ويحتجون على ذلك بان الاختلاف في ماهيات الأشياء انما وقع لان كل واحد أدرك لازما غير ما ادركه الاخر فحكم بمقتضى ذلك اللازم بحكم فاما لو عرفنا حقائق الأشياء لعرفنا لوازمها والبعيدة لما ثبت من أن العلم بالعلة عله العلم بالمعلول ولو كان الامر كذلك لما كان شئ من صفات الحقائق مطلوبه بالبرهان هذا ما قيل.
ولعل هذا القائل لم يفرق بين العلم بوجه الشئ وبين العلم بالشئ ء بوجه (3) فان الأول يصلح موضوعا للقضية الطبيعية ولا يسرى الحكم عليه إلى افراده فضلا عن لوازمه القريبة والبعيدة والثاني يصلح موضوعا للقضية المتعارفة ولكن يسرى الحكم عليه بشئ إلى افراده الحقيقية بالذات دون افراده العرضية ولوازمه أو ملزوماته الا