" عالم النظر هو عالم الاحترام فكل إنسان يسقط احترامه من هذا الجانب، جاز للآخرين النظر إليه، لأن النظر ليس حالة أخلاقية تنطلق من تحذير الناس من الوقوع في هذا الفخ، بل في احترام الإنسان الذي ينظر إليه.
وهذا يختلف باختلاف الأزمان، فلو أن النساء قد اعتادت الخروج بلباس البحر جاز النظر إليهن بهذا اللحاظ. وعلى هذا فلا بد من الاقتصار على ما جرت عادتهن على عدم ستره ولا يجوز التلصص على النساء للاطلاع على ما يخفينه، وإن كن غير مسلمات.
وهناك نقطة مهمة، وهي التعليل (بأنهن لا ينتهين إذا نهين) يشمل كل النساء من المسلمات والكافرات اللاتي يكشفن بعض أجزاء من الجسد، مع الإصرار على ذلك بحيث لا يستجبن لأي نهي عن الموضوع، وذلك من خلال إلغاء خصوصية المورد.
هذا بالإضافة إلى ما أشرنا إليه من أن حرمة النظر ناشئة من حرمة الجسد لدى صاحبه، مما يخفيه منه، لا من خلال حالة تعبدية في مثل هذه الموارد، ولذلك ورد أنه لا مانع من النظر إلى عورة الكافر فهي كعورة الحمار، من خلال عدم الاحترام له من قبل الشرع، أو من قبل صاحبه.
وفي ضوء ذلك قد يشمل الموضوع النظر إلى العورة عندما تكشفها صاحبتها، كما في نوادي العراة، أو السابحات في البحر في بعض البلدان، أو نحو ذلك.
بل قد يستوحي الإنسان جواز النظر إلى عورة الرجل، إذا كان ممن لا ينتهي إذا نهي تمردا أو مزاحا، أو نحو ذلك، لأنه لا خصوصية للمرأة في تلك الرخصة، بل ربما كان التحفظ من المنع بالنسبة إلى المرأة أكثر من الرجل.
فالقضية - من خلال استيحاء التعليل - هي أن كل إنسان يهتك حرمة نفسه بكشف ما لا يجوز كشفه في الشرع أو في العرف الاجتماعي، ولا يستجيب للردع عن ذلك من الناس، فإن الشارع يسقط حرمته، ولا يجعل منه مشكلة للآخرين، في المنع عن النظر إلى ذلك " (1).
ولا يصح لأحد أن يعترض هنا ويقول إن ذلك بحث علمي، قد تطابقه الفتوى، وقد لا تطابقه.. لأن ذلك البعض يصر على إطلاق الفتوى بمجرد تمامية الأدلة عليها، فهو يقول:
" إن الإنسان إذا أراد أن يعيش اجتهاده لنفسه، من خلال تحفظاته الذاتية، فعليه أن