قال: قد فعلت.
قال: قيدها فإنك لا تبرها بشيء أفضل من أن تمنعها عن محارم الله عز وجل) (2).
فيرد على استدلاله بهذه الرواية:
أولا: إن الرواية لم تذكر الضرب، فكيف استفاد ذلك منها، فإن الحبس أدنى من الضرب، والانتقال من الأدنى إلى الأعلى مما لا يقبله العرف في مقام الخطاب؛ فليس هذا المورد من موارد مفهوم الموافقة كما هو ظاهر.
ثانيا: من أين علم: أن المقصود من قول ذلك الرجل عن أمه: إنها لا ترد يد لامس هو أنها تمارس الزنا؟!
ثالثا: إذا كانت الرواية مخالفة لظاهر القرآن فلا بد من تأويلها إن أمكن أو طرحها.
رابعا: المراد بالحبس قد لا يكون هو السجن، بل يكون معنى لا يتنافى مع البر بها، كأن يكون المراد مجرد وضع العراقيل أمام خروجها وملاقاتها للرجال، والخلوة بهم، فإن لم ينفع ذلك فقد أجاز له الإمام أن يمنع الرجال من الوصول إليها فإن لم ينفع ذلك لجأ إلى تضييق الخناق عليها إلى درجة أن لا تستطيع أن ترى رجلا أو أن يراها رجل.
وذلك لا يستلزم سجنها بالمعنى المعروف للسجن، بل تبقى على اتصال مباشر بالنساء وبالأولاد، وبالمحارم.
وأما المراد بتقييدها.. فقد يكون سد منافذ اتصالها بالرجال إلى درجة تصبح لا حول لها ولا قوة، وغير قادرة على أي تحرك وقد احتمل الحر العاملي أن يكون المراد:
(هو أن يربط الزانية بالزوج كما يربط البعير الشارد بالعقل) (1)..
ولو لم يمكن قبول هذه التفسيرات للرواية فلا بد من التوقف عن العمل بها لأنها تكون - كما قلنا - منافية لظاهر القرآن فلا مجال للأخذ بظاهرها، خصوصا على القاعدة التي يقول: إنه يلتزم بها، من عرض كل الحديث على القرآن..