المادية حتى الآن، أن يقيم دليلا على عدم وجود الله إنهم يقيمون الأدلة لو سميناها أدلة على رفض أدلة وجود الله، ولكنهم لا يقيمون الدليل على عدم وجود الله، معنى ذلك أننا نضع هؤلاء في دائرة الشك - والشك ليس كفرا - بل هو حالة تساؤل وإثارة علامة استفهام تستوجب النقاش، بينما يدخل الكفر في دائرة الجحود، والإسلام ليس ضد النقاش، بل هو يدعو إليه.
وفي هذا المجال ننقل عن الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) أنه جاءه رجل فقال له: يا أبا عبد الله، ما تقول فيمن شك في الله؟ فقال: كافر يا أبا محمد، قال: فشك في رسول الله (ص)؟ فقال: كافر ثم التفت إلى زرارة فقال: إنما يكفر إذا جحد " (1).
وورد في حديث آخر عنه أنه قال: (لو أن العباد إذا جهلوا وقفوا ولم يجحدوا لم يكفروا) (2).
إلى أن قال حول مسألة الحكم بالارتداد على نصر حامد أبو زيد وأمثاله:
" إن الإسلام لن يخسر كثيرا في تجميد حكم في حالة خاصة، ولكنه قد يعاني كثيرا أمام الواقع العالمي من إطلاق المسألة بهذا الشكل. ثم إننا في اتباعنا هذا الأسلوب نظهر تلك الشخصية بصورة المضطهد، الأمر الذي يكسبه عطفا، خصوصا في القضايا المتعلقة بالتفريق بينه وبين زوجته، مما يجعل هناك بعدا عاطفيا حتى على مستوى الناس العاديين الذين لا يعيشون معنى الحكم الإسلامي في هذه الأمور لذلك فإنني أتصور أنه لو تركت مسألة (مثل مسألة نصر أبو زيد) في حجمها الطبيعي جدا وعولجت بطريقة أو بأخرى، بطرح أفكار تعارضه وتنتقده وتثير الجو الإعلامي من حوله، دون إفساح المجال لمثل هذه التفصيلات، لما كان من الممكن أن تأخذ هذا الحجم في الواقع العالمي الإعلامي وفي الواقع الداخلي، بل لظهرت كقضية فكر إسلامي يقابل فكرا منحرفا.
إنني أرصد الظاهرة من حيث السلبيات والإيجابيات التي يمكن أن تصيب الواقع والخط الإسلاميين، ولذلك أنصح بدراسة الظروف الموضوعية التي تحيط بمثل هذه الحالات، من ناحية الواقع السياسي الثقافي والاجتماعي " (3).