ما قال الله تعالى (ربما يود الذين كفروا) يعني بالولاية (لو كانوا مسلمين) في الدنيا منقادين للإمامة ليجعل مخالفوهم من النار فداءهم (1).
عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال: (أما إن من شيعة علي (ع) لمن يأتي يوم القيامة، وقد وضع له في كفة سيئاته من الآثام ما هو أعظم من الجبال الرواسي والبحار السيارة، تقول الخلائق: هلك هذا العبد، فلا يشكون أنه من الهالكين وفي عذاب الله من الخالدين، فيأتيه النداء من قبل الله تعالى: يا أيها العبد الجاني هذه الذنوب الموبقات، فهل بإزائها حسنة تكافؤها وتدخل الجنة برحمة الله، أو تزيد عليها فتدخلها بوعد الله؟
يقول العبد: لا أدري، فيقول منادي ربنا عز وجل: إن ربي يقول: ناد في عرصات القيامة: ألا إن فلان بن فلان من بلد كذا وقرية كذا وكذا، قد رهن بسيئاته كأمثال الجبال والبحار ولا حسنة بإزائها، فأي أهل هذا المحشر كانت لي عنده يد أو عارفة (2) فليغشني بمجازاتي عنها، فهذا أوان شدة حاجتي إليها فينادي الرجل لذلك، فأول من يجيبه علي بن أبي طالب: لبيك لبيك لبيك أيها الممتحن في محبتي، المظلوم بعداوتي؛ ثم يأتي هو ومن معه عدد كثير وجم غفير وإن كانوا أقل عددا من خصمائه الذين لهم قبله الظلامات فيقول ذلك العدد: يا أمير المؤمنين نحن إخوانه المؤمنون، كان بنا بارا ولنا مكرما، وفي معاشرته إيانا - مع كثرة إحسانه إلينا - متواضعا، وقد نزلنا له عن جميع طاعتنا وبذلنا له؛ فيقول علي عليه السلام: فبماذا تدخلون جنة ربكم؟ فيقولون: برحمة الله الواسعة التي لا يعدمها من والاك ووالى آلك يا أخا رسول الله، فيأتي النداء من قبل الله تعالى: يا أخا رسول الله هؤلاء إخوانه المؤمنون قد بذلوا له فأنت ماذا تبذل له؟ فإني أنا الحكم، ما بيني وبينه من الذنوب قد غفرتها له بموالاته إياك، وما بينه وبين عبادي من الظلامات فلا بد من فصلي بينه وبينهم، فيقول علي عليه السلام، يا رب أفعل ما تأمرني، فيقول الله: يا علي اضمن لخصمائه تعويضهم عن ظلاماتهم قبله؛ فيضمن لهم علي عليه السلام ذلك فيقول لهم: اقترحوا علي ما شئتم أعطكم عوضا من ظلاماتكم قبله؛ فيقولون يا أخا رسول الله تجعل لنا بإزاء ظلاماتنا قبله ثواب نفس من أنفاسك ليلة بيتوتتك على فراش محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) فيقول (ع) قد وهبت ذلك لكم، فيقول الله عز وجل، فانظروا يا عبادي الآن إلى ما نلتموه من علي، فداء لصاحبه من ظلاماتكم؛ ويظهر لهم ثواب نفس وجد في الجنان من عجائب قصورها وخيراتها، فيكون ذلك ما يرضي الله به خصماء