وفي بعضها: (ثم يشفعهم فيمن يحبون له الشفاعة من أهل الملة) (1) والأحاديث الدالة على هذا المعنى كثيرة فلتراجع في مظانها.
وهذا معناه أن قول البعض: إن الشافع لا يقرب بعيدا عن الله غير صحيح، بل هم يقربون - بشفاعتهم - ذلك البعيد. وهذا هو معنى الشفاعة، كما ظهر بذلك أيضا عدم صحة قوله: إن الشفاعة إنما هي لمن يستحق الرحمة ممن هو في مواقع الرحمة، فليست الشفاعة ناشئة عن استحقاق لها من قبل المشفوع له.
2 - قد ذكرنا فيما تقدم أيضا: أن الشفاعة هي التي تنتج المغفرة وتؤثر فيها، وتكون سببا في حصولها، لا أن إرادة المغفرة هي التي تؤثر في إجراء الشفاعة على نحو مراسم شكلية تهدف إلى مجرد تكريم الشافع.
إذن فللشفاعة مهمتان:
الأولى: التسبب بحصول المغفرة، والتأثير في إنتاجها، حيث لولاها لم تحصل المغفرة، ولم يكن هناك إرادة لها.
الثانية: أن تظهر بسببها الكرامة الإلهية والمنزلة الربانية للشافع.
3 - أما قوله: إن الشفاعة لا تنطلق من رغبة الشفيع الخاصة، بل هي بأمر الله ورضاه.. فالروايات التالية بخلافه:
إن الشفيع في يوم القيامة يقول: أي رب عبدك فلان سقاني شربة من ماء في الدنيا، فشفعني فيه، فيقول: اذهب فأخرجه من النار.. الخ (2).
ثم يشفع لخادمه (3)، ويشفع لمحبيه وأهل مودته (4) ويشفع لجيرانه (5)، ولأهل بيته (6)، ولمن له به معرفة بالدنيا (7)، بل والشفاعة للعدو المحارب، والذي كان