قد أحسن للمؤمن في دار الدنيا (3).
وذلك يوضح عدم صحة عدة أمور، وردت في كلام ذلك البعض.
الأول: عدم صحة قوله: إن الشفاعة لا تنطلق من رغبة الشفيع الخاصة.
الثاني: عدم صحة قول البعض: إن الشفاعة هي في دائرة المهمات التي قد يوكلها الله إلى بعض عباده إذ إنها كرامة للشافع، ورحمة للمشفوع له.
الثالث: عدم صحة قول هذا البعض: إن كونها مهمة محددة، يستتبع أن لا يستغرق المؤمن في ذات النبي والولي طلبا للشفاعة.
الرابع: إن معنى قوله تعالى: (لا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) أن من أذن الله له بالشفاعة ورضيه وارتضاه لها، وجعل له هذا المقام هو الذي تنفع شفاعته، كالأنبياء، والأولياء، والشهداء، فالشفاعة التي أعطيت لهؤلاء هي التي تنفع وتؤثر في غفران الذنوب وكل شفاعة سواها باطلة، وغير مقبولة، ولا مرضية.
وبعبارة أخرى: إنما يشفع من أكرمه الله ببلوغه مقاما يؤهله لأن يشفع للمؤمنين الخاطئين، وهذا يعني عدم صحة قول البعض: إنه لا معنى لأن نتوجه إلى المخلوق بطلب الشفاعة ما دام لا يملكها بنفسه، فإن المراد بملك الشفاعة هو أن يجعله الله في مقام الشفاعة، فإذا بلغ هذا المقام فله أن يشفع لمن يشاء، حتى للخادم والجار، والمعين، ولأهل الكبائر وغير ذلك.
إذن فلا مانع من أن نتوجه إليه بعد أن وصل إلى هذا المقام فنوجه إليه الخطاب، ونطلب منه أن يستعمل صلاحياته التي حصل عليها.
5 - معنى قوله: (لا يشفعون إلا لمن ارتضى) أي ارتضى الله دينه (1). فلم يكن مشركا ولا ظالما (2).. وهو من أهل التوحيد، من أهل شهادة أن لا إله إلا الله (3) كما في روايات أهل البيت عليهم السلام، لا كما فسرها هذا الرجل بقوله: أي ارتضاه الله للشفاعة.