عدم الاستغراق في ذات النبي أو الولي.. طلبا للشفاعة، بل في توجيه الخطاب لله أن يمنحه الشفاعة من خلالهما " (1).
ويقول أيضا:
".. فليس هناك إلا العمل.. وإذا كانت هناك من شفاعة، فإنها لا تنطلق من رغبة الشفيع الخاصة بل هي بأمره ورضاه، فلا معنى لأن تتوجه إلى المخلوق بطلب الشفاعة ما دام لا يملكها بنفسه، بل ينتظر أمر الله فيها.. فهو الجدير بالعبادة وطلب الشفاعة.. وفي ضوء ذلك، كان التوحيد يمثل الصفاء الروحي الذي يعيش معه الإنسان في حركة الإيمان المطلق بعيدا عن كل التعقيدات الخانقة التي تجر معها المزيد من العادات والتقاليد والأجواء الضاغطة على الفكر والروح والشعور " (1).
ويقول أيضا:
".. ولا يقبل من أحد رجاء ولا شفاعة في حق نفسه أو في حق غيره، لأن أي واحد منهم لا يملك حقا ذاتيا في ذلك كله إلا من أذن له الرحمن في الشفاعة فأراد الله أن يكرمه بها ليجعل له الكرامة باستنقاذ من يريد الله أن ينقذه من النار، ويرحمه برحمته، وذلك هو الذي رضي الله قوله فيما يعبر عنه القول من العقيدة الصافية الحقة، والروح الراضية المرضية والعمل الخالص الذي يتحرك في رضا الله من خلال وعي الإيمان وطهر الإخلاص.
وفي ضوء هذه الآية نستفيد تقرير مبدأ الشفاعة التي تؤكد وجودها لدى بعض الأشخاص المقربين إلى الله. ولكن من خلال إعطاء الله ذلك فيكون القصد والتوجه لله في المسألة في الشفاعة لا إلى الشخص لأنه لا يملك من أمر الشفاعة شيئا في نفسه.. وذلك هو الحد الفاصل بين الاستغراق في الشخص من خلال الاستغراق في ذاته، وبين الاستغراق في الله على أساس الكرامة التي يمنحها لبعض عباده في شفاعته للآخرين استجابة لإرادة الله له في ذلك.. وهذا هو الذي يعطي للعقيدة صفاءها فلا يطلب أحد من مخلوق شيئا بل يكون الطلب كله لله، والقصد إليه في كل شيء حتى في الشفاعة التي لا يملكها أحد إلا بإذنه " (2).
ويقول البعض أيضا:
".. تلك هي مواقعهم فيما تتميز به مواقعهم الشخصية، وفيما يقفون عنده من حدود