وقال الفضل بن العباس مجيبا له:
ألا يا ابن هند انني غير غافل * وإنك ما تسعى له غير نائل أ الآن لما صرت الحرب نابها * عليك وألقت بركها بالكلاكل فأصبح أهل الشام ضربين خيرة * وفقع بقاع أو شحيمة آكل وأيقنت أنا أهل حق وإنما * دعوت لأمر كان أبطل باطل دعوت ابن عباس إلى السلم خدعة * وليس لها حتى تدين بسائل فلا سلم حتى تشجر الخيل بالقنا * وتضرب هامات الرجال الأماثل وآليت لا تهدي إليه رسالة * إلى أن يحول الحول من رأس قابل أردت به قلع الجواب وإنما * رماك فلم يخطئ نبات المقاتل وقلت له لو بايعوك تبعتهم * فهذا علي خير حاف وناعل وصي رسول الله من دون أهله * وفارسه إن قيل هل من منازل فدونكه إن كنت تبغي مهاجرا * أشم بنعل السيف غير حلاحل كذا فعرض شعره على علي ع فقال أنت أشعر قريش فضرب بها الناس إلى معاوية اه وحكى ابن أبي الحديد في شرح النهج عن الزبير بن بكار قال روى محمد ابن إسحاق أن أبا بكر لما بويع بالخلافة افتخرت تيم بن مرة قال وكان عامة المهاجرين وجل الأنصار لا يشكون أن عليا هو صاحب الأمر بعد رسول الله ص فقال الفضل بن العباس يا معشر قريش وخصوصا يا بني تيم أنكم لما أخذتم الخلافة بالنبوة ونحن أهلها دونكم ولو طلبنا هذا الأمر الذي نحن أهله لكانت كراهية الناس لنا أعظم من كراهتهم لغيرنا حسدا منهم لنا وحقدا علينا وأنا لنعلم أن عند صاحبنا عهدا هو ينتهي إليه، وقال بعض ولد أبي لهب بن عبد المطلب شعرا:
ما كنت أحسب أن الأمر منصرف * عن هاشم ثم منها عن أبي حسن أ ليس أول من صلى لقبلتكم * وأعلم الناس بالقرآن والسنن وأقرب الناس عهدا بالنبي ومن * جبريل عون له في الغسل والكفن من فيه ما فيهم لا يمترون به * وليس في القوم ما فيه من الحسن ما ذا الذي ردهم عنه فنعلمه * ان ذا غبن من أعظم الغبن قال الزبير: فبعث إليه علي فنهاه وأمره أن لا يعود وقال سلامة الدين أحب إلينا من غيره اه وجرت بين الأنصار وقريش خطوب وحوادث بعد بيعة أبي بكر أثارها مثيرو الفتن بما ألقوه من الكلام ونظموه من الأشعار في حق الأنصار وأجابهم شعراء الأنصار وجماعة من المهاجرين انتصروا للأنصار يطول الكلام بنقلها ويخرج عن موضوعه وكان لعمرو بن العاص نصيب وافر من ذلك فقام في عدة مقامات ضد الأنصار نذكر منها ما له مساس بالمترجم: وقد ذكرنا في مقامات آخر ما له مساس بغيره قال الزبير ابن بكار: إن رجالا من سفهاء قريش ومثيري الفتن منهم اجتمعوا إلى عمرو بن العاص فقالوا له إنك لسان قريش ورجلها في الجاهلية والاسلام فلا تدع الأنصار وما قالت وذلك بعد ما تكلم خطباء الأنصار وشعراؤهم فأكثروا جوابا لمن تكلم عليهم فأكثروا عليه من ذلك فراح إلى المسجد وفيه ناس من قريش وغيرهم فتكلم وقال إن الأنصار ترى لنفسها ما ليس لها وأيم الله لوددت أن الله خلى عنا وعنهم وقضى فينا وفيهم بما أحب ولنحن الذين أفسدنا على أنفسنا أخرناهم عن كل مكروه وقدمناهم إلى كل محبوب حتى آمنوا المخوف فلما جاز لهم ذلك صغروا حقنا ولم يراعوا ما أعظمنا من حقوقهم ثم التفت فرأى الفضل بن العباس ابن عبد المطلب وندم على قوله للخؤولة التي بين ولد عبد المطلب وبين الأنصار ولأن الأنصار كانت تعظم عليا وتهتف باسمه حينئذ فقال الفضل يا عمرو أنه ليس لنا أن نكتم ما سمعنا منك وليس لنا أن نجيبك وأبو الحسن شاهد بالمدينة إلا أن يأمرنا فنفعل، ثم رجع الفضل إلى علي فحدثه فغضب وشتم عمرا وقال آذى الله ورسوله، ثم قام في المسجد فاجتمع إليه كثير من قريش وتكلم مغضبا فقال يا معشر قريش إن حب الأنصار إيمان وبغضهم نفاق وقد قضوا ما عليهم وبقي ما عليكم واذكروا أن الله رغب لنبيكم عن مكة فنقله إلى المدينة وكره له قريشا فنقله إلى الأنصار ثم قدمنا عليهم دارهم فقاسمونا الأموال وكفونا العمل فصرنا منهم بين بذل الغني وإيثار الفقير ثم حاربنا الناس فوقونا بأنفسهم وقد أنزل الله تعالى فيهم آية القرآن جمع لهم فيها بين خمس نعم فقال والذين تبوؤا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر إليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون الا وإن عمرو بن العاص قد قام مقاما آذى فيه الميت والحي ساء به الواتر وسر به الموتور فاستحق من المستمع الجواب ومن الغائب المقت وأنه من أحب الله ورسوله أحب الأنصار فليكفف عمرو عنا نفسه، قال الزبير ابن بكار: فمشت قريش عند ذلك إلى عمرو بن العاص فقالوا أيها الرجل أما إذا غضب علي فاكفف. وقال خزيمة بن ثابت الأنصاري يخاطب قريشا:
يأل قريش أصلحوا ذات بيننا * وبينكم قد طال حبل التماحك فلا خير فيكم بعدنا فارفقوا بنا * ولا خير فينا بعد فهر بن مالك كلانا على الأعداء كف طويلة * إذا كان يوم فيه جب الحوارك فلا تذكروا ما كان منا ومنكم * ففي ذكر ما قد كان مشي التشارك قال الزبير وقال علي للفضل يا فضل أنصر الأنصار بلسانك ويدك فإنهم منك وإنك منهم فقال الفضل:
قلت يا عمرو مقالا فاحشا * إن تعد يا عمرو والله فلك إنما الأنصار سيف قاطع * من تصبه ظبة السيف هلك وسيوف قاطع مضربها * وسهام الله في يوم الحلك نصروا الدين وآووا أهله * منزل رحب ورزق مشترك وإذا الحرب تلظت نارها * بركوا فيها إذا الموت برك ودخل الفضل على علي فاسمعه شعره ففرح به وقال وريت بك زنادي يا فضل أنت شاعر قريش وفتاها فاظهر شعرك وأبعث به إلى الأنصار، فلما بلغ ذلك الأنصار قالت لا أحد يجيب إلا حسان الحسام فبعثوا إلى حسان بن ثابت فعرضوا عليه شعر الفضل فقال كيف اصنع بجوابه، إن لم أتحر قوافيه فضحني فرويدا حتى أقفو أثره في القوافي فقال له خزيمة بن ثابت أذكر عليا وآله يكفك عن كل شئ فقال:
جزى الله عنا والجزاء بكفه * أبا حسن عنا ومن كابي حسن سبقت قريشا بالذي أنت أهله * فصدرك مشروح وقلبك ممتحن تمنت رجال من قريش أعزة * مكانك هيهات الهزال من السمن وأنت من الاسلام في كل موطن * بمنزلة الدلو البطين من الرسن غضبت لنا إذ قام عمرو بخطبة * أمات بها التقوى وأحيا بها الإحن فكنت المرجى من لؤي بن غالب * لما كان منهم والذي كان لم يكن حفظت رسول الله فينا وعهده * إليك ومن أولى به منك من ومن أ لست أخاه في الهدى ووصيه * وأعلم منهم بالكتاب وبالسنن فحقك ما دامت بنجد وشيجة * عظيم علينا ثم بعد على اليمن