وتبعه ابن القفطي حيث أن له ابنا يسمى أبا العباس فضل بن أبي سهل بن نوبخت فاشتبه عليهم بأنه أبو سهل الفضل بن نوبخت انتهى ملخصا.
وأقول: ظن الاشتباه من ابن النديم مع قرب عهده وسعة اطلاعه بعيد، ووجود أبي سهل ابن نوبخت معاصر المنصور لا يمنع من وجود غيره مسمى بالفضل ومكنى بأبي سهل من ذرية أبي سهل المذكور نسب إلى جده نوبخت كما يقع كثيرا، أو أنه ابن نوبخت وأخو أبي سهل فيكون لنوبخت ولدان أحدهما اسمه أبو سهل والثاني اسمه الفضل ويكني أبا سهل، لكن الظاهر الأول لا سيما ملاحظة أن أبا سهل بن نوبخت كان زمن المنصور وأبو سهل الفضل كان في زمن الرشيد. ونوبخت مر ضبطه في إبراهيم بن إسحاق ومر هناك قول ابن النديم أن آل نوبخت معروفون بولاية علي وولده ع، وأنه عد في جملة النقلة من الفارسي إلى العربي آل نوبخت أكثرهم. والمترجم ذكره ابن النديم في الفهرست، وقال: فارسي الأصل، قال: وقد ذكرت نسب آل نوبخت في كتاب المتكلمين واستقصيته، وكان في خزانة الحكمة لهارون الرشيد.
ولهذا الرجل نقل من الفارسي إلى العربي ومعولة في علمه على كتب الفرس اه وذكره ابن القفطي في تاريخ الحكماء فقال: الفضل بن نوبخت أبو سهل فارسي الأصل مذكور مشهور من أئمة المتكلمين، وذكر في كتاب المتكلمين واستوفى نسبه من ذكره كمحمد بن إسحاق النديم وأبي عبد الله المرزباني، وكان في زمن هارون الرشيد وولاه القيام بخزانة كتب الحكمة، وكان ينقل من الفارسي إلى العربي ما يجده من كتب الحكمة الفارسية ومعولة في علمه وكتبه على كتب الفرس اه وفي كتاب الشيعة وفنون الاسلام عن بعض الفضلاء من أصحابنا أنه قال عند ذكره: هو الفيلسوف المتكلم والحكيم المتأله وحيد في علوم الأوائل، كان من أركان الدهر، نقل كثيرا من كتب البهلويين الأوائل في الحكمة الاشراقية من الفارسية إلى العربية في أنواع الحكمة، وهو من علماء عصر الرشيد هارون بن المهدي العباسي، وكان على خزانة الحكمة للرشيد، وله أولاد علماء أجلاء اه وفي عيون أخبار الرضا عن البيهقي عن الصولي عن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر قال: أشار الفضل بن سهل على المأمون أن يتقرب إلى الله عز وجل وإلى رسوله بصلة رحمه بالبيعة لعلي بن موسى ليمحو بذلك ما كان من أمر الرشيد فيهم، وما كان يقدر على خلافه في شئ. إلى أن قال قال الصولي: وقد صح عندي ما حدثني به عبيد الله من جهات، منها أن عون بن محمد حدثني عن الفضل بن أبي سهل النوبختي أو عن أخ له، قال لما عزم المأمون على العقد للرضا ع بالعهد قلت والله لاعتبرن ما في نفس المأمون من هذا الأمر، أ يحب إتمامه أو هو يتصنع به فكتبت إليه على يد خادم له كان يكاتبني باسراره على يده قد عزم ذو الرياستين على عقد العهد والطالع السرطان وفيه المشتري، والسرطان وإن كان شرف المشتري فهو برج منقلب لا يتم أمر يعقد فيه ومع هذا فان المريخ في الميزان في بيت العاقبة وهذا يدل على نكبة المعقود له وعرفت أمير المؤمنين ذلك لئلا يعتب علي إذا وقف على هذا من غيري، فكتب إلي إذا قرأت جوابي إليك فاردده إلي مع الخادم ونفسك أن يقف أحد على ما عرفتنيه وأن يرجع ذو الرياستين عن عزمه لأنه إن فعل ذلك ألحقت الذنب بك وعلمت أنك سببه، قال فضاقت علي الدنيا وتمنيت أني ما كنت كتبت إليه ثم بلغني أن الفضل بن سهل ذا الرياستين قد تنبه على الأمر ورجع عن عزمه وكان حسن العلم بالنجوم، فخفت والله على نفسي وركبت إليه فقلت له أ تعلم في السماء نجما أسعد من المشتري قال لا، قلت أ فتعلم أن في الكواكب نجما يكون في حال أسعد منها في شرفها، قال لا، فقلت فامض العزم على رأيك إذ كنت تعقده وسعد الفلك في أسعد حالاته فامضى الأمر على ذلك فما علمت أني من أهل الدنيا حتى وقع العقد فزعا من المأمون اه والظاهر أن صاحب هذه القصة هو المترجم وهي تدل على أنه ساعد على أن تكون البيعة في وقت غير مناسب بحسب أحكام النجوم ولا ينافي ذلك تشيعه لأن الخوف قد يبعث على أزيد من هذا مع أن القصة مرددة بينه وبين أخ له.
كلام المترجم في أخبار الفلاسفة قال ابن النديم في الفهرست في الفن الأول من المقالة السابعة في أخبار الفلاسفة الطبيعيين والمنطقيين وأسماء كتبهم: حكايات في صدر هذه المقالة عن العلماء بلفظهم: قال أبو سهل بن نوبخت في كتاب النهمطان:
قد كثرت صنوف العلوم وأنواع الكتب ووجوه المسائل والمآخذ التي اشتق منها ما يدل عليه النجوم مما هو كائن من الأمور قبل ظهور أسبابها ومعرفة الناس بها على ما وصف أهل بابل في كتبهم وتعلم أهل مصر منهم وعمل به أهل الهند في بلادهم، على مثال ما كان عليه أوائل الخلق قبل مقارفتهم المعاصي وارتكابهم المساوي ووقوعهم في لجج الجهالة إلى أن لبست عليهم عقولهم وأضلت عنهم أحلامهم فان ذلك قد كان بلغ منهم فيما ذكر في الكتب من أمورهم وأعمالهم مبلغا دله عقولهم و حير حلومهم وأهلك عليهم دينهم فصاروا حيارى ضلالا لا يعرفون شيئا فلم يزالوا على ذلك حينا من الدهر حتى أيد من خلف من بعدهم ونشأ من أعقابهم وذرأ من أصلابهم بالتذكر لتلك الأمور والفطنة لها والمعرفة بها والعلم للماضي من أحوال الدنيا في شأنها وسياسة أولها والمؤتنف من تدبير أوسطها وعاقبة آخرها وحال سكانها ومواضع أفلاك سمائها وطرقها ودرجها ودقائقها ومنازلها العلوي منها والسفلي بمجاريها وجميع أنحائها وذلك على عهد جم بن اونجهان الملك فعرفت العلماء ذلك ووضعته في الكتب وأوضحت ما وضعت منه ووصفت مع وضعها ذلك الدنيا وجلالتها ومبتدأ أسبابها وتأسيسها ونجومها وحال العقاقير والأدوية والرقا وغير ذلك مما هو آلة للناس يصرفونها فيما هو موافق لأهوائهم من الخير والشر فكانوا كذلك برهة وعصرا حتى ملك الضحاك (1) بن قي في حصة المشتري ونوبته وولايته وسلطانه من تدبير السنين بأرض السواد بني مدينة اشتق اسمها من اسم المشتري فجمع فيها العلم والعلماء وبنى فيها اثني عشر قصرا على عدد بروج السماء وسماها بأسمائها وخزن فيها كتب العلم وأسكنها العلماء (2) فانقاد لهم الناس وانقادوا لقولهم ودبروا أمورهم لمعرفتهم بفضلهم عليهم في أنواع العلم وحيل المنافع إلى أن بعث نبي في ذلك الزمان فإنهم أنكروا عند ظهوره وما بلغهم من أمره علمهم واختلط عليهم كثير من رأيهم فتشتت أمرهم واختلفت أهواؤهم وجماعتهم فأم كل عالم منهم بلدة يسكنها ويكون فيها ويترأس على أهلها وكان فيهم عالم يقال له هرمس وكان من أكملهم عقلا وأصوبهم علما وألطفهم نظرا