علي بن الحسين بن علي المسعودي بخط التقي المسعودي شيعي وكتاب مروج الذهب لا يظهر منه تشيعه والمعتمد كتبه الآخر بخط ولده المجلسي: أقول عندنا كتاب اثبات الوصية له ويدل على أنه من أكمل الشيعة وخواصهم وقال السيد ابن طاوس في كتاب النجوم عند ذكر العارفين بعلم النجوم من الشيعة ما هذا لفظه:
ومن أفضل الموصوفين بعلم النجوم الشيخ الفاضل الشيعي علي بن الحسين بن علي المسعودي مصنف كتاب مروج الذهب وله تصانيف جليلة ومنزلة في العلوم والتواريخ والرياسة كبيرة اه وقوله إن كتاب مروج الذهب لا يظهر منه تشيعه في غير محله فتشيعه منه ظاهر كالنور على الطور في مواضع كثيرة نعم قد سلك فيه مسلك المؤرخين الذين يذكرون كل ما قيل لا مسلك المتحيزين لجهة خاصة.
وفي فهرست ابن النديم: المسعودي هذا الرجل من أهل المغرب يعرف بأبي الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي من ولد عبد الله بن مسعود مصنف لكتب التواريخ واخبار الملوك اه. وفي معجم الأدباء:
علي بن الحسين بن علي المسعودي من ولد عبد الله بن مسعود مصنف لكتب التواريخ واخبار الملوك اه. وفي معجم الأدباء: علي بن الحسين بن علي المسعودي المؤرخ أبو الحسن من ولد عبد الله ابن مسعود صاحب النبي ص وذكره محمد بن إسحاق النديم فقال هو من أهل المغرب مات فبما بلغني سنة 346 بمصر قال وقوله إنه من أهل المغرب غلط لأن المسعودي ذكر في السفر الثاني من كتابه المعروف بمروج الذهب وقد عدد فضائل الأقاليم واعتدالها وانحرافها ثم قال: وأوسط الأقاليم إقليم بابل الذي مولدنا به وإن كانت ريب الأيام أنات بيننا وبينه وساحقت مسافتنا عنه وولدت في قلوبنا الحنين إليه إذ كانت وطننا ومسقطنا إلى أن قال وأشرف هذه الأقاليم مدينة السلام ويعزز علي بما أصارتني إليه الاقدار من فراق هذا المصر الذي عن بقعته فصلنا لكنه الدهر الذي من شيمته التشتيت والزمن من شريطته الآفات ومن علامة وفاء المرء دوام عهده وحنينه إلى اخوانه وشوقه إلى أوطانه ومن علامة الرشد أن تكون النفس إلى مولدها تائقة والى مسقط رأسها شائقة. قال فهذا يدلك على أن الرجل بغدادي الأصل وانما انتقل إلى ديار مصر فأقام فيها وهو يحكي في كتبه كثيرا ويقول رأيت أيام كوني بمصر كيت وكيت اه.
وقال الدكتور صالح احمد العلي:
تتميز الحركة الفكرية في القرنين الثالث والرابع الهجري بميزات معينة واضحة، طبعت معظم العلماء الذين ظهروا فيهما، ولعل من أبرز تلك الميزات هو تعدد نواحي ثقافة العلماء والمفكرين، إذ كان كل منهم بدرس مواضيع متعددة من لغة وفقه وحديث وفلسفة وتاريخ وجغرافية، وكثيرا ما كان العالم منهم يبرز في أكثر من ميدان من ميادين المعرفة، فالطبري كان مبرزا في الفقه والتفسير واللغة والتاريخ والحديث، واليعقوبي من أعظم المؤلفين في الجغرافية والتاريخ، ومن قبلهم الكندي كان مبرزا لا في الفلسفة فحسب بل في معظم فروع المعرفة، والجاحظ لم يكن أديبا فحسب بل كان متكلما ومؤرخا وعالما طبيعيا أيضا. والفارابي برز في الفلسفة والموسيقي.
ولا ريب ان تعدد نواحي المعرفة يساعد العالم على معرفة العلاقات بين العلوم المختلفة، ويساعد على تطعيم هذه العلوم ببعضها فالمنطق يعين على النقد والتفكير والتنظيم، والأدب على اظهار جمال الأسلوب، والتاريخ يساعد على معرفة التطور وتقدير أهمية وحدة العلوم وترابطها مع بعضها.
وتعدد جوانب المعرفة من شانه ان يوسع أفق نظر الإنسان، ويخرجه من نطاق التخصص الذي كثيرا ما يؤدي إلى التعصب، هذا إلى أنه يساعد على تقدير مكانة كل علم ومركزه بين العلوم، وان العالم الذي تعدد جوانب معرفته يكون ذا نظرة واسعة، وصدر رحب، وروح نقدية، ويتصف بعدم الاستسلام والتعصب الأعمى.
ومن ميزات القرنين الثالث والرابع الهجري تشبع الناس بروح الدولة الاسلامية، فالفرد منهم صار يعتز بكونه بأصله وعشيرته، حتى أن كثيرا من العلماء الذين ظهروا في هذه الفترة، لا نعلم إلى أي عشيرة ينتمون، بل إن كثيرا ما لا نعلم هل ان أصلهم عربي أم أعجمي، والواقع ان معظم العلماء والمفكرين الذين ظهروا في هذين القرنين كانوا ينتسبون إلى المحلات التي ولدوا فيها، أو المحلات التي أقاموا فيها، أو الأقاليم التي ترعرعوا فيها. كما أن العالم قلما يكتفي بالإقامة في مكان واحد، بل كان يقوم برحلات وسفرات، ليتصل بالعلماء ويسمع منهم أو يدرس على يدهم ويستفيد من عملهم. وقد شجعت أحوال المجتمع هذه الرحلات، فان الحج من أركان الاسلام الخمسة، وهو يلزم كل قادر على زيارة مكة المكرمة للحج، مما يحمل الناس على السفر، ثم إن الرخاء الاقتصادي في القرنين المذكورين وتوزع مراكز الإنتاج والمدن، وقلة العراقيل بوجه التجار والمسافرين ساعد على هذه الرحلات والسفرات. ولا ريب ان التنظيمات القائمة آنذاك كانت تساعد الناس، والعلماء خاصة على القيام بمثل هذه الرحلات، فقد كانت الجوامع تقدم لكثيرين منهم المأوى، والتبرعات كانت توفر للفقراء منهم ما يحتاجونه من زاد وغذاء. وينبغي الا يغيب عن ذهننا ان معظم العلماء كان دافعهم حب العلم والمعرفة، دون الاهتمام بالمطامع المادية، لذلك لم يكونوا ليحتاجوا في طلب العلم إلى مبالغ طائلة.
ومن هؤلاء العلماء الأفذاذ الذين ظهروا في هذه الحقبة من الزمن، أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي الذي ينحدر أصله من عبد الله بن مسعود الصحابي المشهور. ولد في المنتصف الثاني من القرن الثالث ببغداد، ويظهر انه ترعرع وتثقف فيها وكان يحن إليها في سفراته، ولا أدل على هذا الحنين من قوله في مروج الذهب وأواسط الأقاليم إقليم بابل الذي مولدنا به. وإن كانت ريب الأيام أنات بيننا وبينه، وساحقت مسافتنا عنه، وولدت في قلوبنا الحنين إليه،! إذ كان وطننا ومسقطنا إلى آخر ما قاله في كلامه. ان هذا النص يدل على مدى تعلق المسعودي بالعراق، انه نشأ وترعرع فيه، ودرس على علمائه فتركوا في نفسه كل هذا الأثر العميق.
لا تذكر المصادر شيئا واضحا عن نشاة المسعودي الأولى، ولا عن وضعه المالي أو العلماء الذين تتلمذ عليهم أو ناقشهم أو اتصل بهم، ولكننا نستطيع ان نحدس ذكاءه وتتبعه وسعة اطلاعه من الكتب التي روى أنه ألفها، ففي كتابه التنبيه والاشراف الذي انجز تاليفه في سنة 345 ه ذكر