حبرا فأخبرهم حديثا صادقا * عنه ورد معاشر الحساد وقال أيضا في ذلك:
أ لم ترني من بعد هم هممته * بعزة حر الوالدين كرام بأحمد لما أن شددت مطبتي * لرحل وإذ ودعته بسلام بكى حزنا والعيس قد فصلت لنا * وجاذب بالكفين فضل زمام ذكرت أباه ثم رقرقت عبرة * تفيض على الخدين ذات سجام فقلت له رح راشدا في عمومة * مواسين في البأساء غير لئام فلما هبطنا أرض بصرى تشوفوا * لنا بشراب طيب وطعام ولما رأى أبو طالب من قومه ما يسره من جلدهم معه وتحد بهم عليه مدحهم وذكر قديمهم وذكر النبي ص فقال:
إذا اجتمعت يوما قريش لفخرها * فعبد مناف سرها وصميمها وإن حضرت أشراف عبد منافها * ففي هاشم أشرافها وقديمها ففيهم نبي الله أعني محمدا * هو المصطفى من سرها وكريمها تداعت قريش غثها وسمينها * علينا فلم تظفر وطاشت حلومها وروى الفقيه إبراهيم بن علي بن محمد الدينوري الحنبلي في كتاب نهاية الطلب وغاية السؤول في مناقب آل الرسول باسناده إلى محمد بن إسحاق بن عبد الله بن مغيرة بن معتب أن أبا طالب فقد رسول الله ص فظن أن قريشا اغتاله فبعث إلى بني هاشم ليأخذ كل واحد منكم حديدة صارمة ويجلس إلى جنب عظيم من عظماء قريش فإذا قلت أبغي محمدا قتل كل منكم الذي إلى جانبه ففعلوا وبلغ ذلك رسول الله ص فاتاه في المسجد فلما رآه أخذ بيده ثم قال يا معشر قريش فقدت محمدا فظننت أن بعضكم اغتاله وأخبرهم بما عزم عليه وأراهم السكاكين فهابت قريش رسول الله ص فقال أبو طالب:
ألا أبلغ قريشا حيث حلت * وكل سرائر منها غرور فاني والصرائح غاديات * وما يتلو السفافرة الشهور لآل محمد راع حفيظ * وداد الصدر مني والضمير فلست بقاطع رحمي وولدي * ولو جرت مظالمها الجرور أيا من جمعهم أفناء فهر * لقتل محمد والأمر زور فلا وأبيك لأظفرت قريش * ولا لقيت رشادا إذ تشير بني أخي ونوط القلب مني * وأبيض ماؤه غدق كثير ويشرب بعده الولدان ريا * وأحمد قد تضمنه القبور أيا ابن الأنف أنف بني قصي * كان جبينك القمر المنير ومن شعره الصريح في إيمانه قصيدته اللامية المشهورة كشهرة قفا نبك وقال ابن كثير هي قصيدة بليغة لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه وهي أفحل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى اه. ولم أعثر عليها بتمامها فأوردت هنا ما وجدته منها:
أعوذ برب البيت من كل طاعن * علينا بسوء أو ملح بباطل ومن فاجر يغتابنا بمغيبة * ومن ملحق في الدين ما لم يحاول كذبتم وبيت الله نخلي محمدا * ولما نطاعن، دونه ونناضل وننصره حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل وحتى ترى ذا الردع يركب ردعه * من الطعن فعل الأنكب المتحامل وينهض قوم في الحديد إليكم * نهوض الروايا من طريق حلاحل وأنا وبيت الله إن جد جدنا * لتلتبسن أسيافنا بالأماثل بكل فتى مثل الشهاب سميدع * أخي ثقة عند الحفيظة باسل وما ترك قوم لا أبا لك سيدا * يحوط الذمار غير نكس مواكل وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم * فهم عنده في نعمة وفواضل وميزان صدق لا يخيس شعيرة * ووازن صدق وزنه غير عائل أ لم تعلموا أن ابننا لا مكذب * لدينا ولا يعبأ بقول الأباطل فأصبح فينا أحمد في أرومة * تقصر عنها صولة المتطاول لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل أقيم على نصر النبي محمد * أقاتل عنه بالقنا والقنابل وجدت بنفسي دونه فحميته * ودافعت عنه بالذرى والكلاكل فلا زال في الدنيا جمالا لأهلها * وشينا لمن عادى وزين المحافل فمن مثله في الناس أي مؤمل * إذا قاسه الحكام عند التفاضل حليم رشيد عادل غير طائش * يوالي إلها ليس عنه بغافل فأيده رب العباد بنصره * وأظهر دينا حقه غير ناصل ومن شعره المشهور يخاطب النبي ص ويسكن جأشه ويأمره باظهار الدعوة قوله:
لا يمنعك من حق تقوم به * أيد تصول ولا سلق بأصوات فان كفك كفي إن منيت بهم * ودون نفسك نفسي في الملمات إلى غير ذلك وكل هذه الأشعار قد جاءت مجئ التواتر لأنه إن لم تكن آحادها متواترة فمجموعها يدل على أمر واحد مشترك وهو تصديق محمد ص ومجموعها متواتر كما أن كل واحد من قتلات علي ع الفرسان منقولة آحادا ومجموعها متواتر يفيد العلم الضروري بشجاعته وكذلك القول فيما يروى من سخاء حاتم وحلم الأحنف وذكاء أياس وغير ذلك وروى أهل السير والمغازي إن عتبة بن ربيعة أو شيبة أخاه لما قطع رجل عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر أشبل عليه علي وحمزة فاستنقذاه منه وخبطا عتبة بسيفيهما حتى قتلاه واحتملا عبيدة من المعركة إلى العريش فألقياه بين يدي رسول الله ص ومخ ساقه يسيل فقال يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أنه قد صدق في قوله:
كذبتم وبيت الله نخلي محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فاستغفر له رسول الله ص ولأبي طالب وبلغ عبيدة إلى الصفراء ومات فدفن بها وروي إن إعرابيا جاء إلى رسول الله ص في عام جدب فقال أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا صبي يرضع ولا شارف يجتر وأنشد:
أتيناك والعذراء يدمى لبانها * وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل وألقى بكفيه الفتى لاستكانة * من الجوع حتى ما يمر ولا يحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا * سوى الحنظل العاصي والعلهز الغسل وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام النبي ص يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: