بنت خويلد رضي الله عنها وهي:
الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل وجعل لنا بلدا حراما وبيتا محجوبا وروي محجوجا وجعلنا الحكام على الناس ثم إن محمد بن عبد الله أخي من لا يوازن به فتى من قريش الا رجح عليه برا وفضلا وحزما وعقلا ورأيا ونبلا وإن كان في المال قل فإنما المال ظل زائل وعارية مسترجعة وله في خديجة بنت خويلد رغبة ولها فيه مثل ذلك وما أحببتم من الصداق فعلي، وله والله بعد نبا وخطب جليل.
قالوا فتراه يعلم نباه الشائع وخطبه الجليل ثم يعانده ويكذبه وهو من اولي الألباب هذا غير سائغ في العقول.
وفي الإصابة ذكر جمع أنه مات مسلما وتمسكوا بما نسب إليه من قوله:
ودعوتني وعلمت انك صادق * ولقد صدقت فكنت قبل أمينا ولقد علمت بان دين محمد * من خير أديان البرية دينا قال ابن عساكر في صدر ترجمته قيل أنه أسلم ولا يصح اسلامه وقد وقفت على تصنيف لبعض الشيعة أثبت فيه اسلام أبي طالب بأحاديث ما أخرجه من طريق يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق عن العباس بن عبد الله بن سعيد بن عباس عن بعض أهله عن ابن عباس قال لما اتى رسول الله ص أبا طالب في مرضه قال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة استحل بها لك الشفاعة يوم القيامة قال يا ابن أخي والله لولا أن تكون سبة علي وعلى أهلي من بعدي يرون اني قلتها جزعا عند الموت لقلتها لا أقولها الا لأسرك بها فلما ثقل أبو طالب رثي يحرك شفتيه فاصغى إليه العباس فسمع قوله فرفع رأسه عنه فقال قد قال والله الكلمة التي سأله عنها. من طريق اسحق به عيسى الهاشمي عن أبيه سمعت المهاجر مولى بني نفيل يقول سمعت أبا رافع يقول سمعت أبا طالب يقول سمعت ابن أخي محمد بن عبد الله يقول أن ربه بعثه بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده لا يعبد غيره ومحمد الصدوق الأمين.
قال المؤلف وأورد ابن حجر في الإصابة هذا الحديث نقلا عن الخطيب في كتاب رواية الآباء عن الأبناء. أخبرنا أبو نعيم حدثنا محمد بن فارس بن حمدان حدثنا علي بن السراج البرقعيدي حدثنا جعفر بن عبد الواحد القاص قال لنا محمد بن عباد عن إسحاق بن عيسى عن مهاجر مولى بني نوفل سمعت أبا رافع أنه سمع أبا طالب يقول حدثني محمد أن الله امره بصلة الأرحام وأن يعبد الله وحده لا يعبد معه أحدا ومحمد عندي الصدوق الأمين قال واخرج الخطيب في الكتاب المذكور من طريق أحمد بن الحسن المعروف بدبيس حدثنا محمد بن إسماعيل بن إبراهيم العلوي حدثني عم أبي الحسين ابن محمد عن أبيه موسى بن جعفر عن أبيه عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عن أبيه قال سمعت أبا طالب يقول حدثني محمد ابن أخي وكان والله صدوقا قلت له بم بعثت يا محمد قال بصلة الأرحام وأقام الصلاة وايتاء الزكاة ثم قال في تتمة ما نقله عن مصنف بعض الشيعة من طريق ابن المبارك عن صفوان ابن عمرو عن أبي عامر الهوزني ان رسول الله ص خرج معارضا جنازة أبي طالب وهو يقول وصلتك رحم. ومن طريق عبد الله بن ضميرة عن أبيه عن علي أنه لما أسلم قال له أبو طالب الزم ابن عمك. ومن طريق أبي عبيدة معمر بن المثنى عن رؤبة بن العجاج عن أبيه عن عمران بن حصين أن أبا طالب قال لجعفر بن أبي طالب لما أسلم صل جناح ابن عمك فصلى جعفر مع النبي ص أقول كان علي ع يصلي مع النبي ص وحده فكان جناحا له اي واقفا إلى يمينه متأخرا عنه قليلا فلما قال أبو طالب لجعفر صل جناح ابن عمك وقفا معا خلف رسول الله ص كما ورد في بعض الروايات وذلك هو المستحب في صلاة الجماعة يقف الواحد إلى جنب الامام والاثنان خلفه ومن طريق محمد بن زكريا العلائي عن العباس بن بكار عن أبي بكر الهذلي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمي فقال رسول الله ص الا تركت الشيخ حتى آتيه قال أردت أن يأجره الله والذي بعثك بالحق لأنا كنت أشد فرحا باسلام أبي طالب مني باسلام أبي ألتمس بذلك قوة عينك. ومن طريق راشد الحماني عن أبي عبد الله الصادق ع في حديث إلى أن قال ويحشر عبد المطلب به نور الأنبياء وجمال الملوك ويحشر أبو طالب في زمرته الحديث. ومن طريق علي بن محمد بن متيم سمعت أبي يقول سمعت جدي يقول سمعت علي بن أبي طالب يقول تبع أبو طالب عبد المطلب في كل أحواله حتى خرج من الدنيا على ملته وأوصاني أن أدفنه في قبره فأخبرت رسول الله ص فقال اذهب فواره فغسلته وكفنته وحملته إلى الحجون فنبشت عن قبر عبد المطلب فدفنته معه.
وفي الدرجات الرفيعة عن السيد عبد الرحمن الحسني الإدريسي أنه أورده المحب الطبري في ذخائر العقبى وقال السيوطي في المسالك قد ورد هذا الحديث من طريق آخر عن ابن عباس أخرجه أبو نعيم وحكى السيد فخار بن معد في رسالته في إسلام أبي طالب عن أبي علي الموضح أنه قال ولأمير المؤمنين ع في أبيه يرثيه يقول:
أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم فلو كان مات كافرا ما كان أمير المؤمنين ع يرثيه ويدعو له بالرضوان وفي الدرجات الرفيعة لا أكاد أقضي العجب ممن ينكر إيمان أبي طالب رض أو يتوقف فيه وأشعاره التي يرويها المخالف والمؤالف صريحة في صراحة إسلامه وأي فرق بين المنظوم والمنثور إذا تضمنا إقرارا بالاسلام ثم أورد جملة من أشعاره الدالة صريحا على ذلك ولكنه لم يذكرها كلها وما ذكره فقد اختصره ونحن نورد جميع ما وصل إلينا من أشعاره في ذلك ولا نحذف منه شيئا وعن بعض الثقات أن قصائده في هذا المعنى التي تنفث في عقد السحر وتغبر في وجه شعراء الدهر تبلغ مجلدا أو أكثر فمن أشعاره الدالة صريحا على إسلامه قوله في أمر الصحيفة:
ألا أبلغا عني على ذات بينها * لؤيا وخصا من لؤي بني كعب أ لم تعلموا انا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب وإن عليه في العباد محبة * ولا حيف فيمن خصه الله بالحب وإن الذي رقشتم في كتابكم * يكون لكم يوما كراغية السقب أفيقوا أفيقوا قبل أن تحفر الزبى * ويصبح من لم يجن ذنبا كذي ذنب ولا تتبعوا أمر الغواة وتقطعوا * أو أصرنا بعد المودة والقرب وتستجلبوا حربا عوانا وربما * أمر على من ذاقه حلب الحرب فلسنا وبيت الله نسلم أحمدا * لغراء من عض الزمان ولا كرب ولما بين منا ومنكم سوالف * وأيد أمدت بالمهندة الشهب