اللحم، فلا يجدي الغسل، ويمكن تنزيل كلام الشيخين عليه، ففي المقنعة وإن وقع دم في قدر تغلي على النار جاز أكل ما فيها بعد زوال عين الدم وتفرقها بالنار، وإن لم تزل عين الدم منها حرم ما خالطه الدم وحل منها ما أمكن غسله بالماء، وفي النهاية فإن حصل فيها شئ من الدم وكان قليلا ثم غلى جاز أكل ما فيها، لأن النار تحيل الدم، وإن كان كثيرا لم يجز أكل ما وقع فيه " ولا بأس به وإن أمكن مناقشته في الاحتمال والتنزيل.
لكن على كل حال لا يخرج بهما عن قاعدة نجاسة المائع بالملاقاة وعدم طهره بالغليان، بل لعل التعليل في الخبر المزبور (1) يرشد إلى وقوع ذلك من الإمام (عليه السلام) على وجه الاقناع لمصلحة من المصالح، كالموافقة لبعض روايات العامة أو بعض مذاهبهم، ضرورة عدم مدخلية أكل النار للدم طهارة المرق (2) الملاقي له، على أنه يقتضي التعدية إلى سائر المائعات غير المرق، ولا أظن القائل يلتزمه، كما أنه لا يلتزم اشتراط بقاء القدر يغلي بالنار إلى أن يعلم أكل النار له، إلى غير ذلك مما لا يصلح انطباق التعليل المزبور عليه.
ولعله لذا حكي عن الفاضل حمل ذلك على الدم الطاهر، وإن نوقش بأنه لا يناسبه التعليل المزبور بناء على حرمة أكله، لأن استهلاكه في المرق إن كفى في حله لم يتوقف على النار، وإلا لم تؤثر النار في حله لكن يدفعه احتمال كون مراد القائل أن التعليل حينئذ إقناعي تكفي فيه أدنى مناسبة، وهي إرادة بيان عدم النفرة من الدم المزبور المستخبث وإن كان طاهرا يأكل النار له، والله العالم.