كلمة جاء يوم القيامة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله " ولأنه يجب عليه حفظ النفس المحترمة ولو لغيره.
خلافا لمحكي الخلاف والسرائر فلم يوجباه، للأصل بعد منع كونه إعانة، وعدم دليل يدل على وجوب حفظ نفس الغير مطلقا، حتى لو توقف على بذل المال، إذ ليس إلا الاجماع، وهو في الفرض ممنوع، بل لعل السيرة في الأعصار والأمصار على خلافه في المقتولين ظلما مع إمكان دفعه بالمال، وفي المرضى إذا توقف علاجهم - المقتضي حياتهم بأخبار أهل الخبرة - على بذل المال.
إلا أنه لا يخفى عليك ما في ذلك كله، ضرورة المفروغية من وجوب حفظ نفس المؤمن المحترمة، وربما يشهد لذلك ما تقدم في النفقات التي أوجبوها على الناس كفاية على العاجز، مضافا إلى النصوص الدالة على المواساة وغيرها، بل لعله من الأمور التي استغنت بضرورتها عن الدليل المخصوص.
نعم لو كان هو مضطرا إليه أيضا لم يجب بذله له إلا أن يكون نبيا أولى به من نفسه أو وصي نبي كذلك، بل لا يجوز بذله لغيرهما، وإن قال في المسالك: " الأصح الجواز مع التساوي في الاسلام والاحترام لعموم قوله تعالى (1): " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة " ولأن المقصود حفظ النفس المحترمة وهو حاصل بأحدهما، فلا ترجيح ".
لكن فيه أن ظاهر الآية في غير الفرض، كما أن من المعلوم عقلا ونقلا تقديم حفظ نفسه التي يعبد الله بها على غيره، بل لعل ذلك من الالقاء بيده إلى التهلكة، ودعوى كونه كثبات المجاهد لمثله مع ظهور أمارات العطب فإنه غير ملق بل فائز واضحة المنع.