وغيره، وعلى كل حال فقد ظهر لك أنه لا إشكال في الجواز مع عدم الضمان، بل في المدارك الظاهر وجوب النقل لتوقف الدفع الواجب عليه وإن كان قد يناقش فيه بأن الأصل يقتضي التخيير بين ذلك وبين الحفظ إلى حضور مستحق مع التساوي في عدم فساد المال واحتمال التلف، كما صرح به الفاضل في الإرشاد، بل قيل: إنه لا يظهر خلافه من كلام غيره من الأصحاب ولا من ألفاظ النصوص، إذ ليس فيها إلا نفي الضمان والجواز ونفي البأس، نعم في خبر ضريس (1) أنه سأل المدائني أبا جعفر عليه السلام " أن لنا زكاة نخرجها من أموالنا فيمن نضعها فقال: في أهل ولايتك، فقال: إني في بلاد ليس فيها أحد من أوليائك فقال: ابعث إلى بلدهم تدفع إليهم، ولا تدفعها إلى قوم إن دعوتهم غدا إلى أمر لم يجيبوك، وكان والله الذبح " وليس نصا في الوجوب، لأن المقصد فيه بيان حرمة الدفع إلى غير الموالي، مع أن الأمر في مقام توهم الحظر، فينزل على الإباحة، وفي خبر إبراهيم الأوسي (2) عن الرضا (عليه السلام) المتقدم سابقا الأمر بالانتظار بها سنة مع عدم معرفة أحد لها، بل وسنتين بل وأربع سنين، فإن لم تصب لها أحدا فصرها صررا واطرحها في البحر، الحديث، وكأن منشأ توهم السيد المزبور استدلال الفاضلين على الجواز بكونه مقدمة الدفع الواجب، ويمكن أن يكون وجهه الوجوب ولو على التخيير بينه وبين الحفظ، فيكون حينئذ مقدمة للواجب في الجملة، وإلا كان محلا للمنع، ضرورة أن المستحقين إنما يستحقونه في المكان المخصوص فلا يجب عليه النقل إلى غيره، ولذلك تعارف في ذلك الزمان إرسال العمال لجلب الزكاة وجبايتها، فلا وجوب حينئذ للدفع حتى يجب النقل مقدمة له، بل قال بعضهم: إنه إذا كان الحفظ مؤديا إلى فساد أو تلف دون النقل ولم يمكن التبديل بما لا يفسد ولا يتلف من النقل ونحوه ففي وجوب النقل إشكال، وإن كان الوجوب حينئذ
(٤٣٦)