حالا من المسكين، وربما نقل عن القاضي والطبرسي، وهو مع مخالفته لما سمعت وللعرف لم نعرف له شاهد معتدا به، ومن الغريب ما في السرائر من الاستدلال عليه - بعد تفسير الفقير بالذي لا شئ معه، والمسكين بالذي له بلغة من العيش لا تكفيه طول سنته - بقوله تعالى (1): " أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر " فسماهم مساكين ولهم سفينة بحرية، وقوله تعالى (2): " إنما الصدقات للفقراء " باعتبار أن القرآن قد نزل على لسان العرب، وكيفية خطابهم وعادتهم البدأة بالأهم فالأهم، فيعلم أن الفقير أهم، وما ذاك إلا لأنه أسوأ حالا، قال: ولا يلتفت إلى قول الشاعر:
أما الفقير الذي كانت حلوبته * * وفق العيال فلم يترك له سبد يقال: لا سبد له ولا لبد أي لا قليل ولا كثير، لأنه لا يجوز العدول عن الآيتين من القرآن إلى بيت شعر، على أنه لا دلالة فيه على موضع الخلاف، لأن كل واحد من الفقير والمسكين إذا ذكر على الانفراد دخل الآخر فيه، وإما يمتاز أحدهما عن الآخر ويحتاج إلى الفرق إذا اجتمعا في اللفظ كما في الآية، وغيره بأنه مشتق من فقار الظهر، فكأن الحاجة كسرت فقار ظهره، وبأنه (صلى الله عليه وآله) تعوذ عن الفقر، وقال:
" اللهم أحيني مسكينا وأمتني مسكينا واحشرني في زمرة المساكين " (3).
وفيه - مع أن الآية الأولى مستعمل فيها لفظ المساكين خاصة، وقد اعترف أنه غير محل النزاع - أولا يمكن أن يكون الاطلاق عليهم لاشتراكهم بها على وجه لا يكون لكل واحد منهم إلا الشئ اليسير، وثانيا يجوز أن يكون سماهم مساكين على وجه الرحمة كما في الأخبار مسكين ابن آدم، مساكين أهل النار، كقول الشاعر: