ولا يخفى أن تلك الروايات بأسرها خالية عن ذكر غير القملة خصوصا أو عموما، وصحيحة ابن عمار الثانية ناصة على جواز إلقاء غير القملة من الدواب، ولم يذكره أيضا كثير من قدماء الأصحاب، فالقول بالجواز فيه خال عن الارتياب، كما اختاره صريحا بعض المتأخرين (1).
وأما الاستدلال لمنع إلقاء مثل البرغوث والبقة بصحيحة ابن سنان:
أرأيت إن وجدت علي قرادا أو حلمة أطرحهما؟ قال: (نعم، وصغارا لهما، إنهما رقيا في غير مرقاهما) (2)، كما صدر عن بعضهم (3).
غير جيد جدا، لأن غايتها أن الارتقاء في غير المرقى يرجح الاطراح، ولا دلالة على أن الارتقاء في المرقى يمنع عنه.
وأما القملة وإن وردت في الأخبار المذكورة إلا أن صحيحتي حماد ومحمد لا تشتملان على منع إنشائي أو إخباري، وإنما تتضمنان الكفارة، وهي غير حرمة الفعل، مع أن وجوبها أيضا محل كلام.
وكذلك صحيحة ابن عمار الأولى، لرجوع ضمير: (لا يعيدها) إلى القملة، أي: لا يعيدها إلى موضعها، فهي بنفي الشئ الشامل للعقاب أيضا على خلاف المطلوب - أي الجواز - دالة.
والبواقي - غير الأخيرة - عن إثبات التحريم قاصرة، لمكان الجملة الخبرية.
والأخيرة وإن كانت ظاهرة في التحريم إلا أنها لرواية مرة معارضة: