عنيف لقطع المسافة وعجز عنه سقط عنه فرضه في عامه، وكذا لو قدر ولكن بمشقة شديدة لا يتحمل مثلها عادة، للاجماع، وفقد الاستطاعة، ولزوم الحرج والعسر، وكونه أمرا يعذره الله فيه، كما صرح به في بعض الأخبار (1).
ولنختم ذلك الفصل بمسائل:
المسألة الأولى: يشترط في وجوب الحج - بعد حصول الاستطاعات الأربع - أمر آخر أيضا، وهو عدم ترتب ضرر عليه أو على غيره بالخروج إلى الحج، فلو كان أحد بحيث لو خرج كان خروجه إلى الحج موجبا لتلف ماله المعتد به غير ما يصرف في الحج، أو كانت المرأة بحيث تخاف على رضيعها، وغير ذلك، لم يجب الحج.
والفرق بين ذلك وبين الشراء بأزيد من ثمن المثل أو البيع بالأقل أن العلة المنصوصة فيهما غير جارية هنا.
وكذا يسقط الوجوب لو منعه قاهر من المسافرة، أو خاف فيه على نفسه أو بضعه أو ماله أو ما يتعلق به.
المسألة الثانية: لا يعتبر في الاستطاعات المذكورة حصولها من بلد المكلف، فلو حصلت له في موضع آخر مطلقا - حتى الميقات - واستطاع للحج والعود إلى بلده وجب عليه الحج وإن لم تكن له الاستطاعة من بلده، وفاقا للذخيرة والمدارك (2)، وبعض آخر من المتأخرين (3)، بل الأكثر، كما يظهر من قولهم في الصبي والمجنون المدركين في الميقات.