وأما قبل أدائهم فلا شك أن مقدار الأجرة لم ينتقل إليهم، لأن الإرث بعد الدين الذي منه الحج، كما صرح به في النصوص (61)، ونسبة الوارث وغيره في وجوب صرف ذلك في الحج وجوبا كفائيا مشروطا بعدم العلم ببراءة ذمة الميت من طريق آخر بتبرع أو مال غيره أو أقل من أجرة على السواء، فما دام عدم العلم بالبراءة وتحقق الشرط يكون الاقتطاع واجبا كفائيا على المستودع، وما لم يعلم أداءهم لا يجوز له تركه، بل يجب عليه عينا، كما هو شأن الواجبات الكفائية، ووجوب استئذان الوارث فيه يحتاج إلى دليل، وكونه مخيرا في جهات القضاء لا يدل عليه، لأن المسلم منه أن ما دام بقاء المال وعدم صرفه في الاستئجار يتخير هو في الجهات، وهو مسلم، لكون وجوب الصرف - كما مر - مشروطا بعدم الأداء من جهة أخرى، فتخييره أيضا مشروط بالبقاء، وأما التخيير على الاطلاق فلا نسلمه حتى في المقام المتضمن للنص المنافي بعمومه له.
والحاصل: أن المسلم أن الوارث مخير بشرط بقاء المال وعدم صرفه في الحج، وللمستودع الاستئجار بشرط عدم أداء الوارث أو غيره من هذه الجهة أو جهة أخرى، فيعمل بعموم الصحيح، ويحكم بوجوب استئجار المستودع مطلقا، إلا ما خرج عنه بالاجماع، وهو ما إذا علم أداء الحج، وعليه الفتوى.
فروع:
أ: الاستئجار واجب على المستودع، لظاهر الأمر المفيد له، وتعبير