ومنها: العدالة، وقد اعتبرها المتأخرون في الحج الواجب، كما في المدارك والذخيرة والمفاتيح (1)، أو في الحج مطلقا، كما في بعض شروح المفاتيح، وهو ظاهر المفيد في باب مختصر المسائل والجوابات من كتاب الأركان، حيث قال: إذا لم يكن للانسان مانع عن الحج وكان ظاهر العدالة فله أن يحج عن غيره.
واستند المتأخرون إلى أن الاتيان بالحج الصحيح إنما يعلم بإخباره (2)، والفاسق لا تعويل على إخباره، لآية التثبت (3). واكتفى بعضهم بكونه ممن يظن صدقه ويحصل الوثوق بأخباره، واستحسنه جماعة (4).
ولا يخفى أنه يرد على مستندهم: أن المطلوب إن كان هو العلم فلا يحصل من خبر العادل أيضا، وإن كان الظن فهو قد يحصل بخبر الفاسق.
إلا أن يقال: إن المطلوب كونه مقبول الخبر، والفاسق ليس كذلك، للآية.
ويرد عليه حينئذ أولا: أن مقتضى الآية قبول خبر الفاسق مع التثبت، فقد يعلم من حاله أنه لا يكذب، أو أنه يأتي بما استؤجر له، أو تدل قرائن على أحدهما، فلا تكون العدالة شرطا.
وثانيا: أنا نمنع أصل المطلوب - وهو كونه مقبول القول - فإن المأمور به هو الاستنابة مطلقا، كما في الأخبار، وأما أنه يجب أن يستفسر عنه أنه هل أتى بما استنيب له أم لا، وأنه يجب أن يكون مقبول القول في ذلك،