وفيه: أنه لا تدل الصحيحة على أزيد من جواز الحج من مال الابن الصغير الذي ولايته بيد الأب، وهو غير دال على عدم إعطاء العوض، فلعله معه حتى يكون قرضا.
والحاصل: أن المستفاد منها جواز هذا النوع من التصرف أيضا، وهو أعم من القرض ونحوه، فلا يعارض ما دل على عدم جواز صرفه في غير مصلحة الصغير، وأما جزؤه الأخير فمخالف للاجماع والأخبار.
المسألة العاشرة: قال بعضهم: لا يجوز صرف المال في النكاح بعد تعلق الخطاب بالحج وتوقف الحج على المال وإن شق ترك النكاح، لأن الحج مع الاستطاعة واجب فلا يعارضه النكاح المندوب، ولو حصل له من ترك النكاح ضرر شديد لا يتحمل عادة أو خشي حدوث مرض بتركه قدم النكاح (1).
بل قيل بتقديم النكاح لو خشي وقوع الزنا بتركه (2).
أقول: ما يدل على تقديم النكاح في صورة التضرر بتركه يدل عليه في صورة المشقة أيضا، إذ تحمل المشقة عسر، وهو منفي في الشريعة، إلا أن يراد مشقة جزئية لا عسر في تحملها، وفي صدق المشقة نظر.
ثم القول بتقديمه في صورة خشية الوقوع في الزنا مما لا دليل عليه، سيما إذا كانت الخشية باحتمال الوقوع أو الظن بتركه، بل وكذلك مع العلم، فإن هذه الخشية لو أوجبت تخصيص عمومات وجوب الحج (3) للاستطاعة لجاز تخصيص عموم كل ما يدفع به ذلك من ترك الواجبات