إذ ليس المراد باستحبابهما النفسي استحبابهما الذاتي بمعنى كونهما من العبادات الذاتية التي لا تحتاج عباديتها إلى الامر الشرعي كالركوع والسجود، بل المراد بذلك تعلق الامر الاستحبابي بهما مع عدم قصد شئ من غاياتهما.
فتلخص مما ذكرنا: صحة الطهارة المائية في صورة الجهل بالضرر والحرج، بل في صورة العلم بهما أيضا، بل صحة غير الطهارة المائية من سائر العبادات أيضا.
وقد ظهر مما تقدم ضعف القولين الآخرين في المسألة، وهما: القول بفساد الطهارة المائية مع العلم بالضرر والحرج كما عن المحقق النائيني (قده) والقول بفسادها مع العلم بالضرر، وبصحتها مع العلم بالحرج كما اختاره في العروة وأمضاه جل المحشين، بل قيل: و لعله المشهور بين المتأخرين.
واستند أول القولين إلى ما حاصله: أن واجد الماء وفاقده موضوعان عرضيان يشتمل كل منهما على ما لا يحويه الاخر من المصلحة كالمسافر والحاضر، فليس في الطهارة المائية لفاقد الماء ملاكها، بل المصلحة لفاقده منحصرة في الطهارة الترابية، فلا ملاك في الطهارة المائية، كما لا أمر بها بالنسبة إلى فاقد الماء، فالحكم بصحتها منه مع أمره بالتيمم يشبه الجمع بين النقيضين.
أما ضعفه فلما مر من أن المنفي بقاعدتي الضرر والحرج هو مجرد الالزام دون الرجحان والملاك، وليس واجد الماء وفاقده كالمسافر والحاضر موضوعين عرضيين حتى تكون الطهارة الترابية للفاقد كصلاة القصر للمسافر، بل هي بدل اضطراري عن المائية، وقد ثبت في محله بقاء مصلحة المبدل في حال مشروعية البدل الاضطراري. وعدم ارتفاعها بعروض الاضطرار، وهذا شأن جميع الابدال الاضطرارية من دون خصوصية للطهارة الترابية كما قرر في محله، هذا.
واستند ثاني القولين إلى: ما اشتهر بين المتأخرين من حرمة الاضرار